ولعل السبب أنك قد يئست من نصر الله، جلست سنوات تدعو إلى الله ثم نظرت يمنة ويسرة فإذا الدين يهان، وإذا أهل الدين مهانون، وإذا الدعوة إلى الله اضمحلت، ولعلها قَلَّتْ، فقلت: لا نستطيع أن نفعل شيئاً، فجلست في البيت وقد يئست من نصر الله ألم تسمع قوله تعالى:{مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ}[الحج:١٥] ألم تسمع قوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ}[يوسف:١٠٣]؟
جاء في صحيح مسلم:(يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرجل، والنبي ومعه الرجلان، والنبي وليس معه أحد) فما بالك! أيئست من نصر الله؟
يأتي خباب فيقول للنبي صلى الله عليه وسلم:(يا رسول الله! ألا تدعو لنا؟ ألا تستنصر لنا؟ فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم: كان فيمن كان قبلكم يؤتى بالرجل فتحفر له الحفرة فيوضع فيها، ويؤتى بالمنشار فيفرق فرقتين، ويؤتى بأمشاط الحديد فيمشط ما دون لحمه وعظمه لا يرده ذلك عن دينه شيئاً، ولكنكم قوم تستعجلون) دعوت إلى الله عشر سنوات، ثم نظرت فإذا الدولة ضدك فقلت: لا فائدة، فضربت كفاً على كف وجلست في البيت! نوح عليه السلام يدعو تسعمائة وخمسين سنة، ألف سنة إلا خمسين عاماً، وما آمن معه إلا قليل، كان يدعو إلى الله بدون توقف، ولولا أن الله قال له:{لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ}[هود:٣٦] لاستمر في الدعوة إلى الله.