[الذنوب والمعاصي وخطر استصغارها]
أخي العزيز! لا بد أن تستعظم الذنب، وإياك أن تحتقره.
يقول بعض السلف: إن الاجتهاد في الذنب أشد من ركوبه.
فرحك وسرورك وقلة خوفك من الله وأنت ترتكب الذنب أشد من الذنب نفسه.
انتبه أخي العزيز! من فعل معصية ولو كانت صغيرة، قال ابن مسعود: [إن المؤمن يرى ذنبه كجبلٍ يخاف أن يقع عليه، وإن المنافق يرى ذنبه كذبابٍ وقع على أنفه، فقال به هكذا].
أرأيت الفرق بين من يعصي وهو يضحك، ومن يعصي وهو يبكي؟ أرأيت الفرق بين من يذنب وقلبه وجل خائف يخاف مكر الله، ويخاف عقوبة الله، يتبعها بالحسنات، يخاف ألا يقبل الله توبته، وبين ذلك الذي يذنب وهو يضحك ويفرح وهو مسرور إن فاته ذنبٌ تحسر وندم؟
أخي العزيز! قف مع نفسك وقفات، واسأل نفسك: هل أنت تسير في طريق صحيح؟
يقول أنس وهو يخاطب التابعين: [إنكم تعملون أعمالاً هي في عيونكم أدق من الشعرة إن كنا نعدها في عهد رسول الله من الموبقات المهلكات].
يقول حذيفة: [إن كان الرجل منا ليتكلم بالكلمة كنا في عهد رسول الله نعده منافقاً] في كلمة نعده منافقاً، وهذا يسمعه في المجلس الواحد أربع مرات في مجلس من؟ مجلس التابعين.
قل لأولئك الذين يسلطون ألسنتهم في أعراض المسلمين؟ يغتاب فلاناً، فإن انتهى فبفلان، فإن انتهى يأكل لحم فلان، يجلس كل مجلسٍ يتكلم في أعراض المسلمين.
عظِّم ذنبك أخي العزيز! يا من يطلق نظره في الأسواق! يا من تفوته الصلاة وهو يضحك! يا من لا يصلي في الجماعة في اليوم والليلة مرات كثيرة!
أخي العزيز: عظِّم ذنبك، واعرف أن أول طريق التوبة أن تعظم الذنب.
يقول أحد السلف: [لا تنظر إلى صغر المعصية، ولكن انظر إلى عظم من عصيت] يقول صلى الله عليه وسلم: (استحي من الله كما تستحي من رجلٍ صالح من قومك) والله لو طرق عليك الباب رجلٌ صالح ودخل عليك وأنت على ذنب، لتغير وجهك وارتبكت إلخ، الآن وأنت بيننا في هذا المجلس هل تتجرأ على معصية؟ مستحيل.
وإذا خلوت بريبة في ظلمةٍ والنفس داعية إلى الطغيانِ
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
يراك الله يراك العليم الخبير: {أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المجادلة:٦] يسجله رقيبٌ وعتيد.