وتفرح المرأة وتعد الأيام عداً لقدوم شهر رمضان؛ لأنه شهر القرآن الذي أنزله الله عز وجل فيه، والذي يتفرغ فيه المؤمن والطامع لله جل وعلا في كل شيءٍ إلا من قراءة القرآن، قال الله جل وعلا في وصف هذا الشهر:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[البقرة:١٨٥] حُق لشهرٍ مثل هذا أن ينزل الله فيه القرآن، وحُق لشهرٍ مثل هذا أن نعتكف فيه على قراءة القرآن، هذا الشافعي عليه رحمة الله، أتعرفن يا إماء الله كم كان يختم القرآن في رمضان؟ كان يختمه ستين مرة، أما الإمام مالك، إمام دار الهجرة، كان إذا جاء رمضان أقفل الكتب وأغلقها، وترك المجالس إلا مجالس القرآن، يعتكف على قراءة القرآن، وعلى تلاوته، وعلى مراجعته، وعلى مدارسته، قال الله جل وعلا:{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد:٢٤]
من النساء من يمر عليها رمضان وما ختمت القرآن ولا مرة واحدة، ولا مرة واحدة! سبحان الله! وليس الختم بواجب، ولا نقول: إن هذا الأمر واجب؛ ولكن أي تقصيرٍ في العبادة أعظم من هذا؟ الناس كلهم يعتكفون على كتاب الله، الصغير والكبير، الغني والفقير، الذي هجر القرآن أحد عشر شهراً يختمه في رمضان، وهذا تقصير، وهذا هجران، ولكن أي هجرٍ أعظم من امرأة يمر عليها الشهر كله ولم تختم القرآن مرة واحدة؟ هذا الشهر شهرٌ عظيمٌ، فيه ليلة يقول الله عز وجل عنها:{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ}[القدر:١ - ٣] هذه الليلة خير من ألف شهر.
أمة الله: كيف بكِ إذا وفقك الله لقيام تلك الليلة: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).