[أين المتبرجات من هذه المرأة]
أختي الكريمة: والله إن الأب ليتبرأ، وإن الأم لتهرب، وإن الأطفال ليتبرءون منك عند الله جل وعلا، تأتين إلى ابنك، أو إلى زوجك، أو أخيك تطلبين منه حسنة أو شفاعة فكلٌ منهم يقول: نفسي نفسي {يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ} [عبس:٣٤ - ٣٧].
أختي الكريمة: هذه عجوزٌ ذهبت إلى المستشفى لتعمل عملية في عينيها، فلما خرجت من العملية ونجحت، بكت هذه العجوز، فقيل لها: ما يبكيك يا فلانة وقد نجحت العملية؟ فقالت: لا أبكي على عيني، وإن فقدتها، ولكني أبكي أن رجلاً قد كشف عن وجهي ولم ير وجهي أحدٌ من الناس طوال هذه السنين، عجوزٌ تبكي لأن رجلاً نظر إلى وجهها مع الضرورة ومع الحاجة لها، ولكن: إنه الحياء، إنها العفة يا أمة الله!
انظري إلى نساء هذا الزمن، كل يوم يرتخي الثوب، كل يوم يقصر الثوب، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة، فقالت أم سلمة: كيف يصنع النساء في ذيولهن؟ -إلى أعلى من الكعب، يا رسول الله المرأة ما تتحمل هذا الشيء- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يرخينه شبراً -يعني يرخين الثياب على الأرض شبراً- قالت أم سلمة رضي الله عنها: إذاً تنكشف أقدامهن -يعني شبر لا يكفي يا رسول الله- قال: يرخينه ذراعاً ولا يزدن عليه).
أختي الكريمة: الأمر خطير، المرأة هذا الزمن بدأت فقط لا تكشف من ساعديها ولا شيئاً من ساقيها، بل وصل الأمر إلى الركبتين.
لحد الركبتين تشمرينا بربك أي نهرٍ تعبرينا
كأن الثوب ظلٌ في صباحٍ يزيد تقلصاً حيناً فحينا
تظنين الرجال بلا شعورٍ لأنك ربما لا تشعرينا
أختي الكريمة: في هذا الزمن أصبحت بعض النساء تلزم زوجها أن يأتي في حفلة الزفاف وفي ليلة العرس فيدخل أمام النساء على شيء مثل المنصة ليقف عليها أمام الناس، لينظر إلى النساء بغير حياء، ولا عفة، أو طهر، يدخل الرجل أمام النساء لينظر إليهن واحدة تلو الأخرى، بل صارت المرأة تخالط ابن عمها وابن خالها وابن خالتها وتجلس معه، بل وتركب معه في السيارة، بل ويصافحها وتصحافه، بحجة أنه من القبيلة، أو أنه من العشيرة، بل صارت المرأة هذا الزمن تختلط حتى بالسائقين وتختلي بهم، تذهب معهم إلى أين؟ إلى السوق، أو الطبيب، أو المدرسة، أو الكلية، سائقٌ يخلو بها لوحدها، لا محرم، حتى الأم لا تركب معها، ما الذي حدث؟ ما الذي جرى يا أختي الكريمة؟ (إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت) حقاً وصدقاً.
عائشة كانت فتاةً صغيرة، تقول: (كنت أنظر إلى الحبشة يلعبون بالمسجد وأنا متسترة بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يسترني بردائه) وهي فتاة صغيرة، والنبي صلى الله عليه وسلم يسترها وهي تنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد، أرأيت الحياء؟! أرأيت الستر؟! أرأيت العفاف؟! {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب:٣٣].
اسمعي إلى هذا الحديث، يقول عليه الصلاة والسلام: (ثلاثة لا تسل عنهم -يعني هالكون- وذكر من الثلاثة: امرأة غاب عنها زوجها، وقد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده) فلا تسل عنهم، خرج زوجها وتركها في البيت لا تحتاج أحداً، فإذا بها ترفع سماعة الهاتف، أو تضع ذلك الفيلم، أو تواعد فلاناً، أو تخرج من البيت بغير إذنه، أو تخالط فلاناً وفلاناً من الناس، الله أكبر! أين العفاف؟! أين الحياء يا أختي الكريمة؟!
هذه امرأة امتنعت عن تقديم اختبارٍ للقرآن الكريم في الكلية -إحدى الكليات الشرعية- وكانت من الذكيات المجتهدات المتقدمات في الدراسة، لكنها امتنعت عن الاختبار الشفهي للقرآن فقيل لها: لمَ امتنعتي عن هذا الاختبار؟ قالت: كيف يسمع صوتي أحد من الرجال؟! ولو كان مدرس القرآن، ولو كان شيخاً من الشيوخ، ولو كان رجلاً صالحاً، ولو كان غيره من الناس.