إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فإن أصدق الحديث كلام الله تبارك وتعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الإخوة المسلمون: إن الله جل وعلا جعل هذه الأمة وأخرجها لا لتعيش بنفسها ولنفسها؛ بل لتعيش للناس، وجعل الفرد المسلم الصادق المؤمن المخلص هو الذي يعيش لأمته، لا ليعيش لنفسه فقط ليأكل ويشرب، وينكح وينام، ويلبس ويلهو، ثم يموت فينقل إلى القبر فيدفن.
إن العبد الصادق هو الذي إن قام فإنه يقوم لأمته، وإن فكر فإنما يفكر لهمها، ويغتم لغمها، ويفرح لفرحها، ويحزن لحزنها، فإن مات مسلم بالشرق أو بالغرب فكأن قطعة من جسده قد بترت، وإن نكب أحد من المسلمين بنكبة فكأنما أصابته، وهو في نفسه يشعر بها:(مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد) بل وصف الله المؤمنين فقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[التوبة:٧١] ما فعلهم؟ وما دورهم في الدنيا؟ قال:{يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[التوبة:٧١] لا يرضون بالمنكر أياً كان، وممن كان، وكيف كان سواء أنكر بقلبه وذلك أضعف الإيمان، فيكفهر الوجه، ويغضب ويتلون إذا مر بالمنكر وذلك أضعف الناس إيماناً، أو ينكر بلسانه أو بيده إن لم تكن هناك مفسدة أكبر.