للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[قصة علي بن الفضيل مع القرآن]

علي بن الفضيل بن عياض؛ هذا رجل عابد، وأبوه رجل عابد يسمى: عابد الحرمين وهو الفضيل بن عياض، كنيته أبو علي عنده ولد اسمه علي صار علي أشد عبادة من أبيه.

في يوم من الأيام يقول: دخلت في البيت فوجدته يجول في الغرفة ويبكي ويبكي فقلت له: يا بني! لمَ تبكي؟

قال: يا أبي تفكرت في النار وكيف الخلاص منها فبكيت.

بكى لأنه تذكر النار, ثم قال: يا أبي! سل الذي وهبك إياي في الدنيا أن يهبني إياك في الآخرة في الجنة، ادع الله إذا دخلت الجنة أن يحلقني لك.

كان الفضيل إذا صلى الصلاة وعلم أن ابنه يصلي وراءه لا يرتل، ويقرأ قراءة عادية؛ لماذا؟

يعرف أن ابنه لا يتحمل ترتيل القرآن، بكاؤه شديد، ينقطع قلبه ويضطرب، في يوم من الأيام كبر وابنه لم يكن وراءه، فدخل في الصلاة وأبوه يصلي ما علم أن ابنه دخل، والأمر الآخر أنه قرأ آية تتفطر منها القلوب، وتتكسر منها الصخور، وتتصدع منها الجبال، فأيُّ آية تلك؟

إنها قول الله جل وعلا: {وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ} [الزمر:٤٧] فسمع صوت ابنه يبكي فخفف الصلاة وأتمها فوجدوا ابنه قد أغمي عليه من شدة البكاء، لكن نحن لا نصل إلى هذا المستوى؛ لكن نقول: أين التأثر؟

أين التدبر؟

أين دمعة العين؟

لوحدك ليس أمام الناس والأمر كالسر، كانوا يصلون فيبكي الواحد منهم ولا يدري من بجانبه، وينام مع زوجته على وسادة واحدة يبكي ما تدري عنه زوجته، إخلاص دمعة تنزل؛ لكن لله لا شهرة ولا سمعة حتى يقال: فلان بكاء وفلان خاشع، لا لا يبالون بالناس أصلاً.