كلا يا فلان: كلا أيها المجرم! يا من رفعت نسبك في الدنيا ووضعت نسب الله جل وعلا! اليوم لا تنفعك القبيلة ولا تنفعك العشيرة.
هذا نوح عليه السلام ماذا استفاد ابنه منه، أبوه كان أول رسول على وجه الأرض لكن هل انتفع بهذا النسب أم نفعه ذلك الأصل؟ كلا.
عندما شفع له نوح عليه السلام قال الله جل علا:{يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ}[هود:٤٦] فلا ينفعك الأصل ولا النسب عند الله جل وعلا.
وهذا عليه الصلاة والسلام، اصطفاه الله جل علا من خير الأقوام ومن خير العشائر، بل كان من أفضل قبيلة على وجه الأرض، وكان في هذه القبيلة من أفضل فخذ وعائلة، نسب قد استله الله عز وجل من شريف ثم من شريف ثم من شريف حتى خرج أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، فلما خرج في الناس جمع قبيلته وعشيرته الشريفة التي خرج منهم أفضل الناس عليه الصلاة والسلام فقال:(يا معشر قريش!) خير القبائل في ميزان الناس: (يا معشر قريش! اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً -لا تنفعكم القرابة ولا ينفعكم النسب ولا ينفعكم أنني من قبيلتكم ومن عشيرتكم- اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً) ثم اقترب من أصله: (يا بني عبد مناف! -هذا هو الفخذ الذي ينتسب إليه قال:- اشتروا أنفسكم من الله لا أغني عنكم من الله شيئاً) لا ينفع الأصل ولا النسب ثم جاء إلى عمه: (يا عباس بن عبد المطلب! لن أغني عنك من الله شيئاً، يا صفية عمة رسول الله! لن أغني عنك من الله شيئاً، يا فاطمة بنت محمد! سليني من مالي ما شئتِ لن أغني عنك من الله شيئاً) ولو جاءت فاطمة يوم القيامة فقال لها الله: ماذا فعلت يا فاطمة؟ فقالت: إن أبي محمداً عليه الصلاة والسلام، فإنه لن يغنيها من الله شيئاً.
عباد الله: إن هذه المسألة خطيرة، وإن هذا الأمر لجلل، وإن كثيراً ممن يزعم لا إله إلا الله ويسجد لله جل وعلا قد رسب في هذا الاختبار، اختبار التقوى واختبار محبة الله جل وعلا، أن نحب من يحب الله وأن نبغض من يبغض الله، ولو كان أقرب الناس إلينا، بل ولو كان أخاك من أمك وأبيك، إذا كان لا يُعرف بصلاة ولا بذكر ولا بعبادة لله جل وعلا، فإننا نبغض من أبغض الله جل وعلا وهكذا كما قال بعضهم