عبد الله! والله لو كان مصيرهم الموت لكان أعظم نعيم ينادون:{يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ}[الزخرف:٧٧] يجيبهم بعد آلاف السنين: {قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}[الزخرف:٧٧ - ٧٨] قرئ عليكم القرآن وذكرتم ووعظتم {وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ}[الزخرف:٧٨].
عبد الله! الخلود في جهنم، مصير الكفرة الملاحدة، من بينهم تاركو الصلاة (بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة){مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}[المدثر:٤٢ - ٤٣] أول جريمة أوردتهم سقر وجهنم: {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}[المدثر:٤٣] ما كنا نصلي مع الناس، وما كنا نحافظ عليها:{لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}[المدثر:٤٣].
عبد الله! هذا مصير صنفٍ من النار، ولعله إن شاء الله سوف يكون بيننا وبينكم في يوم من الأيام الخالية بإذنه جل وعلا إن أبقانا الله وأحيانا يومٌ أحدثكم فيه عن مصير الصالحين مصير أهل الصلاة، وأهل الذكر، وأهل الطهر، وأهل العفاف، الذين هم في الدنيا من أهل السعادة، وفي الآخرة من أهل النعيم، سوف يكون -إن شاء الله- بيننا وبينكم لقاء حتى يتشوق الإنسان إلى مصيرهم، وإلى حياتهم الكريمة السرمدية الأبدية.
عبد الله! في الختام أدعوك لأمرٍ واحد أن تبكي هذه العين على تلك الذنوب والمعاصي، أن تفكر ماذا أسلفت؟ وماذا قدمت؟: {اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}[الحشر:١٨] واعلم -يا عبد الله- أن الموت يأتي بغتة، وأن شروط التوبة ثلاث:
أولاً: الندم على ما مضى.
ثانياً: العزم على ألا تعود إلى تلك الذنوب والمعاصي.
ثالثها: أن تقلع تقطع الصور تحرق تلك الأفلام الخليعة تترك هذه المجالس النتنة تبتعد عن السوء وأهل الفسق والفجور وتلتحق في رفق الصالحين، واعلم -يا عبد الله- أن الله جل وعلا يعينك:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:٦٩] ومن تاب تاب الله عليه، لعلها دمعة يمسح الله بها جميع الذنوب والمعاصي، وتبدأ بينك وبين الله صفحة جديدة
أسأل الله عز وجل أن يغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، ويثبت أقدامنا.