ابن عباس في يوم عرفة -وعرفة قريبة منا- استشِعْر لَمَّا يقال: لك: عرفة، ومنى، ومكة، استشعر هذه البلاد، أعظم يوم، يوم عرفه، وابن عباس كان جالساً بعد العصر، وهذه أفضل ساعة في يوم عرفه، آخر الساعات في أفضل يوم، والرب ينزل، والمكان عظيم، وجيء لـ ابن عباس بشاب يُحمل، شاب ضعيف قد ترهل جسمه ونحف، فتى بلِيَ بدنُه يُحمل إلى ابن عباس، فقال ابن عباس:[سبحان الله! ما هذا؟ فقالوا له: استشفِ لهذا يا ابن عم رسول الله -أي: ادعُ له الله عز وجل- قال: ما به؟ قالوا: يا بن عم رسول الله إن به مرض العشق -العشق في أيام ابن عباس - فقال ابن عباس: ماذا؟ قالوا: العشق، فأخذ الشاب الضعيف صاحب البدن المريض الذي يوشك أن يفارق الحياة، فأخذ يترنم يقول شعراً أتعرف ماذا قال؟ اسمع ماذا قال هذا الشاب:
بنا من جوى الأحزان والصب لوعةٌ تكاد لها نفس الشفيق تذوبُ
ولكنَّ ما أبقى حشاشة مقولٍ على ما به عودٌ هناك صليبُ
وما عجبي موت المحبين في الهوى ولكن بقاء العاشقين عجيبُ
قال ابن عباس: ويحك! ماذا تقول؟
يقولون: فأخذ يصيح ويضطرب بين يدي ابن عباس حتى خرجت روحه في يوم عرفة.
وما عجبي موت المحبين في الهوى ولكن بقاء العاشقين عجيبُ
يقول عكرمة: فما زال ابن عباس رضي الله عنهما يتعوذ من العشق يومه ذلك حتى غربت الشمس].
إنه مرض! ألا ترونهم ماذا يكتبون؟ ألا ترون أشعارهم؟
جنون وغرام، بل والله إن بعض أشعارهم لا تقال إلا في الله، عبادة يعبدون بها من يعشقون إي والله!
أسمعت بمن سجد لعشيقته فكانت السجدة الأخيرة، ويلقى الله عز وجل على هذه الحال.