[أشعار كان ينشدها الإمام أحمد]
يصنف كذلك ابن الجوزي باباً تحت عنوان: في ذكر ما أنشده من الشعر أو نسب إليه.
قال أحمد بن يحيى الثعلبي: كنت أحب أن أرى أحمد بن حنبل فصرت إليه، فلما دخلت عليه قال لي: فيم تنظر؟ فقلت: في النحو والعربية، فأنشدني أحمد بن حنبل يقول:
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما نخفي عليه يغيب
لهونا عن الأيام حتى تتابعت ذنوب على آثارهن ذنوب
فيا ليت أن الله يغفر ما مضى ويأذن في توباتنا فنتوب
ويقول: بلغني عن علي بن خشرم أنه سمع أحمد بن حنبل يقول: -انظروا يا إخواني يبين أن اللذة والمعصية تذهب، لكن يبقى سواد وخيبة يوم القيامة- يقول أحمد بن حنبل:
تفنى اللذاذة ممن نال صفوتها من الحرام ويبقى الاسم والعار
تبقى عواقب سوء من مغبتها لا خير في لذة من بعدها النار
ويحضرني هنا الموقف الذي دائماً أستشهد به، يذكره ابن الجوزي في: تلبيس إبليس، أن رجلاً دخل على الإمام أحمد بن حنبل فقال له: يا أبا عبد الله ماذا تقول في قول الشاعر في القصائد الرقاق الحسان؟
قال أحمد: مثل ماذا؟
قال: يا أبا عبد الله! مثل ما قال الشاعر:
فسكت الإمام أحمد، وقال لي: يا هذا أعد عليَّ ما قال الشاعر، فقال الرجل يا أبا عبد الله! يقول الشاعر:
إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب عن خلقي وبالعصيان تأتيني
فقام أحمد بن حنبل ودخل بيته وأغلق الباب، يقول الراوي: سمعت نحيبه من وراء الباب وهو يبكي ويقول:
إذا ما قال لي ربي أما استحييت تعصيني
وتخفي الذنب عن خلقي وبالعصيان تأتيني
كان رقيق القلب، يبكي لكل موعظة وإن كانت شعراً.