سَمِع النبي صلى الله عليه وسلم أن يهودياً من جيرانه مريض، ماذا يصنع وهم أشد الناس عداوة له؟! ماذا يفعل نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام؟! هل فرح؟! هل استبشر بأن يهودياً مرض؟! هل دعا عليه بالموت؟!
بل زاره، عاده وجلس عند رأسه، شاب مريض وعنده أبوه، يهودي كبير، أتعرف ماذا قال له؟ قال له النبي:(يا فلان! قل: لا إله إلا الله، واشهد أني رسول الله، فإذا بالشاب لا يرد على النبي عليه الصلاة والسلام، وينظر الشاب إلى أبيه -واليهود يعرفونه كما يعرفون أبناءهم- ماذا يقول له أبوه؟ أتعرف ماذا قال أبوه؟ قال اليهودي الكبير: يا بني! أطع أبا القاسم، فقال الشاب: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فمات الشاب من ساعته، وخرج النبي متهللاً مبتسماً ضاحكاً، وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار بي)، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:١٠٧].
كان المنافقون يسبونه ويشتمونه، وكان يدعو لهم ويستغفر لهم، بل صلى عليهم حتى قال الله عز وجل:{إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ}[التوبة:٨٠] قال: لأزيدن عن السبعين مرة، فنهاه الله عز وجل، انظر إلى رحمته!
كان ينادي حليمة السعدية -مُرْضِعَتَه- وهو قد تجاوز الأربعين من العمر: يا أماه.
استأذن ربه أن يزور قبر أمه وقد ماتت مشركة، فأذن الله له، فاستأذنه أن يستغفر لها، فلم يأذن الله له، فكان إذا مر على المقبرة زار قبرها، وأخذ يبكي عليه الصلاة والسلام، رحمة وأي رحمة!
زيد بن حارثة، مولىً من الموالي، خدم عند النبي سنين، فلما جاءه أبوه وأراد أن يرجعه إليه، فطلب زيد من أبيه أن يبقى عند النبي صلى الله عليه وسلم، يقدمونه على آبائهم وأمهاتهم وأبنائهم، حب وأي حب هذا!