[من أسباب حفظ المرأة نفسها: رجاء ما عند الله]
أمة الله! إن مما يحفظك من الذنوب والمعاصي رجاء الله -جل وعلا- فترجين رحمته جل وعلا، إنك إذا نظرت للمعصية ثم صددت عنها فإن الله جل وعلا سوف يعقبك حلاوة الإيمان في الصدر، ثم هي صحيفة بيضاء تلقين الله جل وعلا بها يوم القيامة، وإذا بها ذنوب تعرضت لك لكنك صددت عنها، إنها معاصي كانت سهلة بين يديك لكنك تركتيها خوفاً من الله.
أمة الله! إذا تركتي المعاصي فإن الله سوف يعقبك لذة في الدنيا، وسروراً في القلب، وحلاوة في الصدر، ثم إذا لقيتي الله جل وعلا فقال لك: ألا تذكرين ذنب كذا؟ ألا تذكرين تلك المعصية؟ ألا تذكرين تلك الزلة؟ ثم يقول الله جل وعلا لك يوم القيامة: سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، أما ترجين ذلك الموقف؟ ألا تتمنين أنك تلقين الله جل وعلا في ذلك المكان فيقول الله جل وعلا: خذي كتابك بيمينك، ثم تساقين إلى الجنة {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً} [الزمر:٧٣] نعم! إنها ستون أو سبعون سنة تقضينها في طاعة الله جل وعلا، وإن عصيت الله جل وعلا بغير إصرار فإنك تتوبين، وترجعين، هذه هي حياتك في الدنيا مع القرآن والذكر والصلاة، ومع الصالحات، ومع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا لقيت الله جل وعلا إذا بك تساقين إلى جنة عرضها السماوات والأرض، ريحها على بعد أربعين سنة هذه ريحها فكيف ستكون هي؟!
فإذا كنت مؤمنة فإنك سوف تساقين إلى الجنة مع الصالحات المؤمنات، ولك أن تتخيلي ما صفة الجنة؟ أما صفة أرضها فإنها بيضاء عفراء كقرصة نقي أرض بيضاء من زعفران، ومن لؤلؤ، ومن ياقوت، للمؤمن فيها خيمة طولها ستون ميلاً، من لؤلؤة مجوفة.
أمة الله: إن لك في الجنة ما تشائين من الثمار، وما تتخيرين من اللحوم، تجلسين على نهر من لبن، وتشربين من نهر من عسل، وتجلسين على نهر من خمر، قال الله تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ} [محمد:١٥] تخيلي يا أمة الله! نهر من لبن، أغلقي عينيك الآن وتصوري كيف يكون نهر من لبن؟ لا يتغير طعمه أبداً، لا سنة ولا سنتين، ولا ألف سنة ولا مليون سنة، أو تخيلي نهراً من عسل! أو تصوري نهراً من خمر!
يقول الله تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ} [الزخرف:٧١] في تلك الجنان ما لا عينٌ رأت، ولا أذنٌ سمعت، ولا خطر على قلب بشر، يقول عليه الصلاة والسلام: (موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها)؛ بل قال: (لو أن مما يُقَلُّ بظفر في الجنة فرج) أي: لو أن في الجنة شيئاً نحمله بأظفارنا فرج من الدنيا، أتعرفين ما الذي سوف يحصل؟ (لتزخرفت ما بين خوافق السماوات والأرض) بل لو أن امرأة واحدة من الحور العين اطلعت على أهل الأرض لأضاءت ما بين السماء والأرض، ولملأته ريحاً، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها هذه الحور العين، أما الصالحة في الدنيا إذا دخلت الجنة فإنها سوف تكون سيدةً من سيدات الحور العين؛ بل أفضل وأجمل منهن، بل هي سيدة لهن في الجنة.
أمة الله: ألا تتمنين ذلك المصير؟! إنه بصبرٍ قليلٍ عن تلك المعصية، سنوات قليلة نصبر فيها عن المعصية نصبر فيها عن النظر إلى الرجال نصبر فيها عن الاستماع للأغاني نصبر فيها عن الأفلام، والمسلسلات، والشهوات، والملذات، فيكون الجزاء {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً} [الإنسان:١٢].
أمة الله: ألا تتمنين ذلك المصير؟! ما الطريق؟! ما السبيل؟! إنه صبرٌ قليلٌ عن المعاصي، وسوف يعقبك الله جل وعلا سعادة في الدنيا {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا} [هود:١٠٨] الله أكبر! إن الجزاء من جنس العمل.
سل الصالحات -كما ذكرنا قبل قليل- ما هي أسعد أيامكن؟ ما هي أسعد لحظاتكن؟ تقول لك: إنها لحظات قيام الليل في رمضان.
بل تقول: إنها ساعة الإفطار، أو رطبات في حرم الله جل وعلا، أو إنها تلك المجالس مجالس الذكر، ومجالس الطاعة، أو تقول لك: وأنا أقوم في آخر الليل وقد دمعت عيناي إنها أسعد اللحظات في هذه الدنيا، سعادة تغمر القلوب، ثم خروج روحٍ كما تخرج القطرة من فيِّ السقا، ثم قبرٌ يفرش لها من الجنة مد بصرها، ثم تؤمن من الفزع الأكبر، وتمكث كما بين الظهر والعصر تحت ظل عرش الرحمن، ثم تسافر إلى جنة الرحمن جل وعلا.
ألا تريدين ذلك المصير يا أمة الله؟!