للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أمور تعين على الالتزام]

السؤال

أنا شاب من أصحاب سود الوجوه، أصحاب المعاصي والذنوب، فأريد أن أصبح من الصنف الثاني فما السبيل؟

الجواب

المؤمن الصادق يقوم الليل، ويصوم النهار، ويقرأ القرآن، ويدعو إلى الله، ويفعل جميع الطاعات، ويخاف أن الله لا يتقبل منه، هذا المؤمن الصادق: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} [المؤمنون:٦٠] المؤمن الصادق يخاف على نفسه، يخاف على نفسه ألا يقبل الله منه حسنة، ابن عمر تصدق بصدقة فقال ابنه له: [[يا أبت تقبل الله منك، قال: يا بني لو علمت أن الله تقبل مني حسنة؛ ما كان غائباً أحب إلي من الموت، لكن {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:٢٧]] يقولها وهو أحد كبار الصحابة وصناديدهم، وأحد العلماء والفقهاء وحملة الشريعة إلى الآن، يقول: [لو علمت أن الله قبل مني حسنة، ما كان غائباً أحب إلي من الموت].

عبد الله: هذا هو المؤمن الصادق، يخاف ألا يتقبل الله منه، وهو في نفس الوقت يصلي ويركع ويعبد الله جل وعلا، يعيش بين الخوف والرجاء، نعم يخاف لكن لا يغلب خوفه على رجاؤه، ولا رجائه على خوفه، أما الفجرة والفسقة تجد أحدهم لا يصلي لله ركعة، ولا يسجد لله سجدة، ويهجر القرآن، وينظر لعورات المسلمين، ويأتي إلى المحرمات، وإذا سألته: قال: إن ربي غفور رحيم، مغرور ومسكين وغره الشيطان بعمله!

عبد الله: هذا السائل لعل حاله إن شاء الله حال الصالحين، فلعله إن شاء الله يصلي ويذكر الله، ويسجد، ويصلي الفجر، ومع هذا يخاف أن يكون من أصحاب الشمال.

عمر بن الخطاب يقول: [[والله لو نادى منادٍ من السماء: يا أهل الأرض كلكم في الجنة إلا واحداً لظننت أنه أنا] انظر! يقول لـ حذيفة: يا حذيفة: أسماني رسول الله من المنافقين؟! يا حذيفة! أجبني أكنت في سجل المنافقين؟! يا حذيفة هل كنت ممن سماه رسول الله منافقاً؟! فيقول حذيفة: لا يا عمر ولا أزكي أحداً بعدك.

وكان يخاف على نفسه من النفاق.

وعثمان كان يبكي إذا ذكر له القبر، يخافون يا عباد الله.

أما الفجرة والفسقة الذين لا يصلون ولا يدعون الله ولا يرجونه سبحان الله! أما المؤمن الذي يعيش بين الخوف والرجاء فأبشر وأكثر من الطاعات ومن الصالحات، ولما سأل الرجل قال: (سلني يا ربيعة بن كعب! فقال: يا رسول الله! أسألك مرافقتك في الفردوس الأعلى) ما قال الجنة، قال الفردوس وأعظم مكان في الفردوس، مرافقتك في الفردوس الأعلى، انظر إلى رجائه، وهمته العالية، قال: أسألك مرافقتك في الجنة، هل قال له المصطفى أبشر، هل قال له المصطفى: نم وارتاح، أدعو لك وانتهى الأمر؟ لا.

قال: (أعِنّي على نفسك بكثرة السجود) الأمر يحتاج إلى صلاة، يحتاج إلى سجود، يحتاج إلى ظمأ الهواجر، يحتاج إلى قراءة قرآن، يحتاج إلى اعتكاف في المساجد، يحتاج إلى أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، يحتاج إلى أمر بالرسالة، وإلى صبر حتى تسمعها عند الله جل وعلا: {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٢٤].

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.