الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه.
أما بعد:
اليوم الآخر كلمة طويلة عريضة، من اسمه يتبين أنه لا يوم بعده، وتبدأ أول مشاهد هذا اليوم بحادثة مثل هذه الحوادث، فاستمع إليها يرحمك الله.
قد يبدأ هذا الرجل يومه وهو على الفراش طريحاً، وقد أحس بالروح تخرج، ولعله بدأ يحس بالنزع، وهذا هو النزع الأخير، ولربما تكون زوجته بجنبه وأولاده عنده، ولربما بكت البنت وسقطت على حضنه فقالت: أبي! ما لك لا تجيب؟!
ولعل زوجته تنوح! وأبوه ينادي بالطبيب! وأخوه يناديه! ولعل الطبيب قد جاء وحاول أن يرجع الروح إلى صاحبها؛ ولكن، {كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ * وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ}[القيامة:٢٦ - ٢٨] أي: تيقن أنه الفراق، فراق المنصب، فراق الدنيا، فراق السيارة، فراق الزوجة، فراق الأهل، فراق الأولاد والأحباب، فراق البيت والأثاث، فراق الأصحاب، فراق الدنيا بمن فيها.
{وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ}[القيامة:٢٨] ثم لما مات وخرجت الروح من صاحبها ومن الجسد حُمِل على الأكتاف ولُفَّ في الكفن: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ}[القيامة:٢٩]{إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ}[القيامة:٣٠] هنا تبدأ أول مشاهد اليوم الآخر، ولعل هذه ميتة حسنة.