للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تذكير صالح لقومه بالله وتكذيبهم له]

إنه صالح عليه السلام، نبي عربي أرسله الله جل وعلا لينذر قوماً هو منهم وفيهم، ينذرهم عذاب الله جل وعلا، فجاءهم صالح فقال: {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:٥٩] وهي دعوة الرسل والأنبياء، بل هي بداية الدعوات، هي نبذ الشرك، وتوحيد الله جل وعلا: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف:٥٩] جاءوا لصالح عليه السلام {قَالُوا يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا} [هود:٦٢] كنا نظن أن فيك عقلاً قبل هذه الكلمات، كنا نحسن فيك الظن بأنك حكيم قبل هذه الدعوة، أما الآن فأنت مجنون، {قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [هود:٦٢] أتنهانا عن عبادة ما عبد الآباء والأجداد والقبيلة {وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} [هود:٦٢]؟!

وجاءوا مرة أخرى وقالوا له: {إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء:١٥٣] أي: سحرك الجن، أو سحرك بعض الناس فجئت بهذه الدعوة.

انظروا السب! انظروا الشتم! انظروا الاتهام! ما رد عليهم إلا بكلمات فيها الشفقة والرحمة، قال: يا قوم! -انظروا إلى الخطاب! - {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ} [الشعراء:١٤٦] يا قوم! أتظنون أن الأمن يستمر؟! يا قوم! أتظنون أن نعمة الأمن والطمأنينة تستمر عليكم أبد الدهر؟! {أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ} [الشعراء:١٤٦ - ١٤٨] أتظنون كل هذه النعمة دائمة وباقية وأنتم تكفرون بالله؟! لا تحكمون فيما بينكم بشرع الله؟! ولا تتحاكمون إلى الله؟! وهذه الكلمات إن دلت فإنما تدل على الشفقة.

ثم ذكَّرهم بالبيوت: {وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وأَطِيعُون} [الشعراء:١٤٩ - ١٥٠] أي: خافوا الله واخشوه.

انظروا إلى الكلمات كيف خرجت من هذا القلب الرحيم! ولكنها سرعان ما تقابَل بالاتهام وبالشتم: {قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء:١٥٣].