اسمع لـ عروة وهو يحدِّث عن أبيه عبد الله بن الزبير يقول: كنت إذا غدوت -أي: في الفجر أو الصباح الباكر- أبدأ ببيت عائشة أسلم عليها، وفي يوم من الأيام دخلت عليها فإذا هي قائمة تصلي -مَن؟ عائشة، مَن هِي عائشة؟ صِدِّيْقَة بنت صِدِّيْق، من أهل الجنة، وأبوها أول هذه الأمة دخولاً الجنة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: كانت تصلي وتقرأ قوله جل وعلا: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}[الطور:٢٧] فنظرت فإذا هي تبكي وتعيد الآية مرة ثانية: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}[الطور:٢٧] انتظرت فإذا هي تعيد الآية مرة ثالثة، ورابعة، وخامسة، وهي تبكي، حتى أطالت علي، فتركتُها وذهبت إلى السوق أقضي حاجة لي، فقلت: أرجع لها بعد زمن، ثم رجعت إليها بعد زمن طويل، فدخلتُ عليها في البيت فوجدتها قائمة تردد الآية نفسها وتبكي {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}[الطور:٢٧].
أرأيت الفرق بيننا وبينهم! كانوا إذا قرءوا القرآن ليس كحالنا اليوم، كانت الآية الواحدة توقفهم، فيتدبرون ويستشعرون ويتلذذون {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}[محمد:٢٤].