[ساعة الندم في النار]
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يأتي البكاء على أهل النار فيبكون حتى تنقطع الدموع، ثم يبكون الدم) الدمع ينقطع في النار فيبكون الدماء، هل تصورت هذا المنظر؟ وهل تعدل النظرة إلى التلفاز تلك اللحظة؟ هل تعدلها تلك السهرة أو ذلك اللقاء معها؟ هل تعدلها تلك الصحبة الفاسدة؟ لا والله.
يقول: (ثم يبكون الدم حتى يصير في وجوههم كهيئة الأخدود من كثرة البكاء -تشق الوجوه كالأخاديد- ولو أنزلت فيه السفن لجرت) لو أنزلت السفن في دموعهم ودمائهم لجرت السفن.
{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ} [الأحزاب:٦٦] فماذا يتذكرون؟ {يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا} [الأحزاب:٦٦ - ٦٧].
يا سائراً في غمرة الجهل والهوى صريع الأغاني عن قريب ستندم
أتت الذي ليس تعجب سوى جنة أو حر نارٍ ستضرم
وبادر مادام في العمر فسحة وحجك مبرور وفرضك طيب
وزد وسارع واغتنم زمن الصبا ففي زمن الإمكان تسعى وتغنم
وسر مسرعاً فالموت خلفك مسرعا وهيهات ما منه مفر ومهزم
في تلك الساعة الأخيرة؛ ساعة الندم الأخيرة ينادون ربهم ويقولون: {قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْماً ضَالِّينَ * رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون:١٠٦ - ١٠٧].
يقول الحسن لصاحبه بعد أن دفنوا جنازة: لو قام من قبره ماذا تظنه يفعل؟ قال: يصلي ركعتين، قال: فإن لم يكن هو فكن أنت.
يرد الله عليهم في النار بعد أن قالوا: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} [المؤمنون:١٠٧] فهناك يعترفون ويقولون: كنا قوماً ضالين كنا غافلين كنا لا هين كنا جاهلين، فيرد الله عز وجل عليهم بعد سنواتٍ طوال {قَالَ اخْسَأُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون:١٠٨].
فبعد هذا لا يتكلمون وتطبق عليهم النار وتغلق الأبواب، نعوذ بالله من جهنم.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم.