حديث النبي صلى الله عليه وسلم:(إن لجسدك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولربك عليك حقاً) قد تعجب من هذا الشخص كيف كان في الدعوة إلى الله، فإذا رأيت وجدت أهله أول من يحتاج الدعوة إلى الله، ثم إذا كبر أبناؤه فهم يحتاجون إلى تربية، تجد أبناء بعض الدعاة في الشوارع وهو يدعو إلى الله، ناسياً أن أول من يحتاج دعوته أبناؤه:{وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ}[البقرة:١٣٢] ولما هاجت الأمواج كان من أول دعاء نوح عليه السلام هو ابنه {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ}[هود:٤٢] وبعض الدعاة إلى الله لو سألت عن حاله، لقيل لك: يمكث في المزارع في الشاليهات، لا يدخل البيت إلا الساعة واحدة في الليل أو الساعة الثانية عشر في الليل، وليس ذلك في الدعوة إلى الله، فإن الدعوة إلى الله لا تكلف ساعة في اليوم، ولكن الأوقات الأخرى تقضى في السوالف والأحاديث والسمرات، وغيرها من الأمور التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وإذا دخل البيت الساعة الثانية عشر في الليل، فقالت زوجته: أين كنت؟ قال: كنت مشغولاً في الدعوة إلى الله.
يا مسكين! لا تخدع نفسك، ليكن أول من تدعو أهلك قال تعالى:{وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ}[الشعراء:٢١٤] والنبي صلى الله عليه وسلم دعا خديجة أولاً وأبا بكر، وابن عمه عليه الصلاة والسلام، قال تعالى {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا}[طه:١٣٢] بل كان بعض السلف يجلس مع أهله ويدرسهم ويحدثهم، ويذكرهم بالله، وهذه هي الدعوة إلى الله، أما أن يغفل عن بيته ويدعو الناس فلا.
فهذا من الأمور المهمة الخطيرة جداً، فقد أهملت حتى صار بعض الدعاة يؤتون من قبل بيوتهم، لأنه يدعو إلى الله فيلتفت خلفه فإذا أبناؤه في الشوارع، وزوجته قد فعلت وتركت، ثم يأتي وإذا الفضيحة والعار، ثم يترك الدعوة إلى الله ويترك إخوانه الصالحين، بحجة أنه سوف يدرك أهله، ثم لا هو بالذي دعا أهله، ولا هو بالذي صلح بدعوته مع الناس، فعلى الداعية أن ينتبه ويوازن نفسه.