شخص من صغره حتى سن التاسعة عشر كان ذا دين وصلاة وإخلاص، والآن أهمل الصلاة، وحلق لحيته، وشرب الدخان، وعاشر البنات، نصحناه مرات ولا زلنا ننصحه فما الحل معه؟
الجواب
فلنستمر في النصيحة، ثم الدعاء، ولا تعلم ماذا يفعل الدعاء؟
اسمع إلى هذه القضية! هذا شيخ كبير يقول: كان لي جار كنت أنصحه كل يوم، وكان هذا الجار مولع بالطرب ودائماً يستمع للأغاني، فكنت كل فترة أنصحه، فيعاهدني على التوبة، لكنه يرجع في اليوم الثاني كما كان، لكن هذا الشيخ ما ملَّ منه، يقول: فجئته يوماً من الأيام فنصحته وأغلظت عليه في النصيحة، فرأيته فإذا به يبكي، فقلت: لعله تأثر، ثم ذهبت وجاءني في اليوم التالي وفي يده جميع الأشرطة، فقال لي: يا شيخ! خذ هذه الأشرطة واحرقها، قلت: ما الخبر؟ قال: تبت إلى الله، فقلت له: كيف؟ قال: يا شيخ! جلست في الليل أفكر في حديثك، وأتفكر في الكلام الذي قلته، فنمت على هذه الحال، فرأيت في المنام أنني على شاطئ البحر أمشي، فإذا برجل يأتيني فقال لي: يا فلان! قلت: نعم.
قال: أتعرف المطربة الفلانية؟ -التي كان يعشقها- قلت: نعم! قال: هي تغني في المكان الفلاني، فأخذت أركض باتجاه صوت الأغنية، ثم مسك بيدي رجل، فالتفت فإذا هو رجل حسن الوجه، فنظرت إليه فقلت له: دعني! فقال: لن أدعك، فقلت له: ماذا تريد؟ فقرأ علي قول الله جل وعلا في المنام وهو يرتل:{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الملك:٢٢] قال: فتعجبت في المنام من هذا الأمر، فأخذ يردد الآية وهو يرتل في المنام، يقول: وأخذت أردد معه الآية، ولما استيقظت من النوم وأنا أردد هذه الآية وأبكي ولا أدري عن نفسي، فدخلت علي أمي وأنا أردد هذه الآية وأبكي، فأخذت أمي تبكي معي وأنا أردد هذه الآية:{أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}[الملك:٢٢] يقول: فمن لحظتها قررت التوبة إلى الله جل وعلا.
أيها الدعاة إلى الله! لا نيأس من رحمة الله، ندعو لهم، وأنت يا عبد الله لا تدعو إلى الله عز وجل فتنفر الناس، لأن الدعوة لها آداب وشروط وصفات.
يا عبد الله! ابدأ معه باللين بالمواعظ بالرقائق بالأشرطة بالكتيبات بالنصيحة الغير مباشرة بالنصيحة المباشرة بالدعوة الفردية بالدعوة الجماعية لا تيأس من رحمة الله جل وعلا.
فهذا نوح عليه السلام تسعمائة وخمسون سنة ما يئس من رحمة الله، ما آمن معه إلا قليل، كان مستمراً في الدعوة لولا أن الله قال له: قُفِل الباب، كفى {لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ}[هود:٣٦] هنا انتهى الأمر دعا على قومه وإلا فإنه كان غير آيس من رحمة الله استمر في الدعوة إلى الله ولا تيأس، ولعل الله أن يهديه قبل أن يموت.