[عدم الشعور بالتحدي]
السبب الثامن: ختاماً: من أسباب ترك الدعوة إلى الله: عدم الشعور بالتحدي:
أيها الإخوة الكرام: كل منا مطالب بالدعوة إلى الله، ألا تشعر أننا يتحدانا أُناس يريدون أن ينشروا الرذيلة بين صفوفنا؟! ألَمْ تسمع بهذا؟!
ألا تعلم أن اليهود والنصارى همهم الآن -في هذه البلاد خاصة- أن يجردوها من الإسلام؟ أن يغير فكر المسلم الذي يصلي إلى فكرٍ غربي، بحيث يصبح همه في الحياة المادة، وهذا حصل لكثير من الناس.
جاءني أحد الأيام شاب، بعد أن صليت الظهر، قال لي: يا فلان! أما زلتم تصلون؟! قلتُ: نعم، قال: الناس وصلوا إلى القمر وأنتم ما زلتم تصلون؟!
قلت: أنت لَمْ تَصِلْ إلى القمر ولَمْ تُصَلِّ، نحن الحمد لله صلينا، وإن شاء الله سوف نصل إلى أعلى من القمر، بإذنه جل وعلا، فنحن نأمل أن نصل إلى الفردوس الأعلى.
عبد الله: ألا تشعر بالتحدِّي؟! هناك كتَّاب في الجرائد يسخرون من دينك، يستهزئون بك، يشككون الناس حتى في العقيدة، هناك أناس يشككون الناس حتى في دين الله، بعضهم يشكك أن دين الإسلام لا يصلح، لو أردتَ أن تطبق فتطبق أي مذهب؟! انظر التشكيك، وبعضهم يأتي بشُبه حتى يشكك العجائز وكبار السن في دينهم يا عبد الله، أين أنت؟!
يقول أحد الشباب: كنت في بلاد ألمانيا في صبيحة كل يوم أخرج للدراسة، وفي يوم من الأيام طرق عليَّ الباب طارق، فتحتُ الباب فإذا امرأة من الدعاة النصرانيات، يتجولن كل صباح على الناس، تخيَّل! نصارى، يقول: فلما علمت أنها تدعوني إلى النصرانية، أغلقتُ الباب في وجهها.
انظر لعزته بدينه، يقول: وجلستُ في البيت، يقول: والله! أسمعُها تدعوني إلى دينها من وراء الباب نصف ساعة.
نصف ساعة تتكلم، تنشر دينها، ولا تبالي، أُغْلِقَ الباب أم لم يُغْلَق؛ لكن تدعو إلى مبدئها، ودينها الباطل، أين المسلمون؟! أين الدعاة إلى الله جل وعلا؟!
نحن متحدَّون يا عباد الله، النصارى يغزوننا، اليهود يغزوننا، ليس غزواً عسكرياً، بل غزواً إعلامياً وثقافياً، والآن سوف يكون الغزو في المرحلة القادمة اقتصادياً، وأنت أعلم بهذا.
عباد الله: ما دورنا؟! ما عملنا؟! الواحد يكفي أنه يصلي ويرجع إلى البيت؟! لا والله، لا يكفي هذا، ما يكفي أنك تفتح المصحف ثم تدرس في البيت، ألم تسمع قول الله: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران:١١٠].
يا عباد الله: الآن في هذا الزمن من يفكر في أمريكا، وفي بريطانيا، وفي روسيا كيف يدمروا ديننا وكيف يفسدوا عقيدتنا؟!
تتعجب من هذه المخدرات في الآونة الأخيرة انتشرت في كل البلاد الإسلامية، وهذه الخمور في كل الأحياء.
قبل أيام ركبتُ طائرةً، زذهبت لإحدى الدول لإلقاء الدروس والمحاضرات، هذه الطائرة أغلب ركابها نصارى -والله أعلم- بحيث يعرفون من أشكالهم، ولم يكن معي من المسلمين إلا القلة، ممن يلبسون اللباس الإسلامي -الهيئة الخليجية- والله الذي لا إله غيره، لما ارتفعت الطائرة في السماء؛ نزع كل منهم حزامه، فرأيت بعض الناس يرجع إلى الخلف، ثم اكتشفت أنهم يرجعون لأخذ الخمور وشربها، والله إن هؤلاء المسلمين العرب سبقوا النصارى لهذه الخمور!! للأسف يا عباد الله!
بعض النساء تشتكي وتقول: تزوجته صالحاً، وبعد زمن تعرف على شلة فاسدة، فبدءوا يأتونه في البيت، ترك الصلاة، بدأ يشرب الخمور، حتى وصل به الحال أنه يجبر زوجته على أن تعاشر أصحابه، هذا في بلاد المسلمين بلاد التوحيد -يا عباد الله- ألسنا في تحدٍ؟!
إلى الآن ألَمْ تعلم أن من الناس من يفكر في إفساد دينك ودين أولادك، حتى في أرحام الأمهات، هناك من يخطط لإفساد الأولاد في أرحام أمهاتهم! أما تعلم بهذا يا عبد الله؟!
بعد عشرين أو ثلاثين سنة تكبر وتشيخ، وسوف يعيش أولادك في هذا المجتمع، وإذا لم يصلح المجتمع -يا عبد الله- فسوف يكون أولادك أول ضحية، وإني مذكرك: {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ} [غافر:٤٤] ستذكر هذه الكلمات.
سوف يأتي يوم من الأيام ابنتك لا تستطيع أن تدرسها، بعض البلاد الإسلامية اليوم ممنوعٌ أن تظهر المرأة بحجاب، كونها تخرج من البيت بحجاب تعتبر جريمة، لو كنت مكانهم ماذا تفعل يا عبد الله؟!
فحتى لا نصل إلى مثل هذه الحال، علينا أن نبادر إلى الدعوة إلى الله جل وعلا، لنبلغ دين الله تبارك وتعالى، لنأمر بالمعروف، لننهَ عن المنكر، حتى لا يأتي يوم ندعو الله جل وعلا فلا يستجيب لنا، ثم يسلط الله عزَّ وجلَّ عباداً علينا، ندعوه فلا يكشف عنا السوء، حتى لا يأتي يوم يصبح المنكر معروفاً، والمعروف منكراً، حتى لا يأتي ذلك اليوم علينا أن نجتهد في تبليغ دين الله جل وعلا: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [يوسف:١٠٨].
قال الله تبارك وتعالى: {وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنَّا عَامِلُونَ * وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} [هود:١٢١ - ١٢٢].
أقول هذا القول.
وصلِّ اللهم وسلِّم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.