للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحرص على الرفقة الصالحة]

ثالثاً: عليك بالرفقة الصالحة أثناء الطلب، لا يشترط أن يكون ملتحياً قد يكون ملتحياً لكنه مثبِّط، قد يصلي الفجر لكنه في العلم مثبِّط، إذا أردت أن تحرص على طلب العلم فاحرص على طلاب العلم أن تصحبهم، أصحاب الهمم العالية، تجلس مع الواحد فيقول لك: قرأت اليوم (٢٠٠) صفحة هذا وردي في اليوم القراءة، وذاك يتحسر ويندم أن ربعه الذي يراجعه قد فاته هذا اليوم؛ لأن بعضهم تدمع عيناه إذا فاته ورده، هذا تحرص عليه وتحرص على ذاك الذي إن طرقت عليه الباب فقلت له: ما رأيك نشرب قهوة عند فلان؟ يقول لكم: اسمحوا لي وقت الراحة ليس هذا الوقت؛ لأن هذا وقت الحفظ أو وقت التلخيص، وأنا لا أفرط في هذه الأوقات، احرص على هؤلاء وعض عليهم بالنواجذ، وإياك والبطالين الذين ما عندهم في اليوم والليلة إلا الزيارات والتجول، في الصباح يقضي بعض المراجعات، وفي الظهر ينام أو يقرأ الجريدة، وإذا جاء العصر زار فلاناً، وآخر العصر زار آخر، وبعد المغرب شرب قهوة عند فلان، وجاء في الليل وقال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، اليوم قضيناه كله في طاعة الله زيارةً للإخوان، هذا بطال فقد أضاع وقته وأضاع وقت غيره، إياك إياك وهؤلاء!

حتى أن ابن الجوزي جعل لهؤلاء فصلاً، فقال: الفراغ بلاء، يقول لم أستطع أن أرد الزوار يقول: إن استطعتُ أن أعتذر اعتذرت بلباقة، وإن لم أستطع فأختصر الكلام وأستغل الوقت في تبرية الأقلام، وتقطيع الكتب، وتسطير الأوراق وغيرها، استغلالاً للوقت في طلب العلم في تجهيز أوراقي لطلب العلم، احرص على وقتك ألا يضيع مع رفقة هممهم دنية، واحرص على أصحاب الهمم العالية، وإن كان لك أصحاب من هؤلاء فحثهم لعلك أن تكون ممن سن سنة حسنة.