[رسائل وتوجيهات لرجل الأمن]
أخي الكريم! قبل أن أختم هذه الموعظة وهذا الحديث هذه رسائل أوجهها خاصة لك:
رجل الأمن: احفظها واجعلها نبراساً لك في حياتك الدنيا: إن وظيفتك عظيمة، وغايتك في الدنيا سامية، ومهمتك صعبة، أن تحفظ الأمن للناس، إن هذا العمل عظيم وصعب؛ ولكن أجره عند الله عظيم إن أخلصت النية، أوجه لك هذه النصيحة فاحفظها، وهذه الرسائل فعها يا عبد الله!
أولها: إنما أنت عبدٌ لله! {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً} [مريم:٩٣ - ٩٤] كل من في السماوات والأرض يأتي لربه جلَّ وعلا يوم القيامة عبد {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:٥٦] فأنت قبل أن تكون ما تكون أنت عبدٌ لله جلَّ وعلا، تسمع وتطيع لله تبارك وتعالى، ولا تقدم على أوامر الله أحداً، لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} [الطلاق:١].
عبد الله: إن من الناس من يدخل جهنم، فيتقلب فيها كالسمك، قال تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولا} [الأحزاب:٦٦] فاحرص على طاعة الله، ومن طاعة الله: الحرص على الصلوات الخمس، خمس فرائض لله تبارك وتعالى: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء.
هذا رجلٌ ماتت أخته في الزمن القديم، فحملها ليدفنها، فإذا به أثناء دفنها سقطت محفظة نقوده، أراد أخذها فنسي، فدفن أخته ورجع إلى البيت، فحلَّ الليل، فرجع مرة أخرى إلى أخته في الليل لينبش القبر ويخرج نقوده، فإذا به في الليل لوحده في القبر، يحفر القبر فلمَّا وصل إلى جثة أخته، إذا به يجد جثتها تحترق، فردم القبر وأسرع إلى بيته، فدخل وسأل أمه! فقال: يا أُماه! أخبريني عن حال أختي، قالت: عن أي شأنها تستخبر؟
قال: أخبريني عن حالها فإني رأيت قبرها يشتعل عليها ناراً، قالت: لم يكن بأختك أمرٌ أكرهه إلا أنها كانت تُؤِّخر الصلاة عن وقتها، تصلي لكن تؤخر الصلاة عن وقتها.
والمفرط متى يصلي الفجر؟
بعد ما تطلع الشمس.
متى يصلي العصر؟
لما تصفَّر الشمس.
متى يتذكر المغرب؟ إذا أذن العشاء {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} [مريم:٥٩].
احرص -يا عبد الله- ألا يدخل في هذه الأذن إلا ما أحلَّ الله تبارك وتعالى، ولا تنظر بهذه العين إلا إلى ما أحل الله جلَّ وعلا، ولا تتكلم بلسانك إلا بما يرضي الرب جلَّ وعلا قال تعالى: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [يس:٦٥] سوف يأتي يوم من الأيام هذه اليد تتكلم، والجلود -يا عبد الله- تنطق، تنطق بمن لمس هذا الجلد.
أسمعت بذلك الرجل لأول مرة في حياته! ذهب إلى إحدى البلاد ليفعل بعض الأفعال التي حرمها الله جلَّ وعلا؟
لم يُجرِّب هذا الفعل في حياته أبداً لأول مرة، ذهب وعاشر امرأةً بالحرام، وبعد أيام نظر إلى جسمه فإذا به قد تغيَّر، لكنه تحمَّل، ولم يرد أن يذهب إلى الطبيب، فطالت به الشهور وخشي أن يرجع إلى بلده وبه هذا المرض، لكنه لم يتحمل هذا المرض ولم يذهب مع هذا إلى الطبيب، فظل شهوراً طويلة ثم ذهب إلى الطبيب وقد أنهكه المرض، فإذا به في غرفةٍ رمي بها وحيداً فريداً غريباً، قال له الطبيب: هل فعلت شيئاً؟ قال: لا.
هل عاشرت امرأة؟
قال: لا.
قال: لا بد أنك فعلت شيئاً.
قال: أبداً يخاف الفضيحة والعار، فلما اقتربت ساعة وفاته وعلم أنه سوف يُفارق الدنيا، قال للطبيب: نعم! عاشرت امرأةً بالحرام، فإذا بالطبيب يتركه ويُسلِّم أمره إلى خالقه جلَّ وعلا، وما هي إلا أيامٌ تعذب بها ثم فارق الحياة الدنيا.
عبد الله! أي حياة تلك الحياة؟!