إنه يوم الجمع {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ}[التغابن:٩] سوف نبدأ معكم -هذه الليلة- في جلسة نتكلم فيها عن المصير، مصير مَنْ؟ مصير الناس جميعاً، المؤمن والفاجر، المسلم والكافر، سوف نتكلم عن مصيرهما في هذه الدقائق باختصارٍ شديد، واسمع وسل نفسك أي المصيرين تختار؟
أخي العزيز: سل نفسك ماذا تريد، هذا المصير أو ذاك؟ في أي الفريقين تريد أن تكون {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ}[الشورى:٧]؟
يأتي ذلك العبد المذنب الفاجر الذي أمضى ليله ونهاره في المعاصي، يستمع إلى الأذان فيولي، يدعوه ربه للزكاة فيمنع ويجمع، يأمره الله عز وجل بالطاعة، بالذكر بالصلاة بالعبادة بالصيام فيصد ويولي، طالما أتاه رجلٌ صالح، فقال: يا أخي! اتقِ الله، وأعطاه شريطاً، وأهداه كتاباً، وزاره ونصحه ووعظه، لكنه أدبر واستكبر وأصر على المعاصي.
يلقى الله عز وجل يوم القيام، فيقول له الرب تبارك وتعالى: عبدي! ألم أصح لك جسدك؟ ألم أسقك من الماء البارد؟ أتذكر ذنب كذا؟ أتذكر ذنب كذا؟ أتذكر يوم أن ذهبت في تلك الليلة وواعدتها ولقيتها ففعلت ما فعلت؟ أتذكر تلك الليلة التي دخلت فيها في البيت وفتحت التلفاز ونظرت، أتحسب أنني لم أكن أراك {أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ}[التوبة:٧٨] عبدي! ألم تذكر ذلك الموقف الذي أهداك ذلك الرجل الصالح شريطاً أو كتاباً، أو نصحك أو بلغك أو وعظك، فصددت واستهزأت واستكبرت وأصررت على المعاصي، أتذكر كذا أتذكر كذا؟
{وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُؤُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ}[السجدة:١٢] وأنت تقول: رب أبصرت، رب أيقنت، نعم إن هذا لهو الحق، يا رب رأيت النار ورأيت الجنة، يا رب إن هذا لهو الحق المبين، أرجعني أعمل صالحاً غير الذي كنت أعمل، ولكن هل ينفعه الندم؟ وهل تنفعه الحسرة؟ كلا.
وإنما يعض على كلتا يديه ويقول:{يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً}[الفرقان:٢٨].