سفيان الثوري رحمه الله يقول عنه عطاء: ما لقيته إلا باكياً، فقلت له: لماذا تكثر من البكاء؟
-واسمع للإجابة ثم ضعها في قلبك وتفكر فيها، واجلس دقائق معدودة فكر في هذه الكلمات- قال سفيان الثوري: أخاف أن أكون في أم الكتاب شقياً، أخاف أن الله كتب أنني في النار، أخاف أن الله في اللوح المحفوظ حكم علي أنني من أهل جهنم:{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}[المؤمنون:٦٠].
أكثر أحيانه يرى كأنه في سفينة يخشى الغرق، دائماً يقول: اللهم سلم سلم، اللهم سلم سلم، تجده باكياً، ويدعو بهذا الدعاء.
يقول ثابت البناني رحمه الله: كنا نتبع جنازة فلا نرى سفيان -أي: الثوري - إلا متقنعاً باكياً متفكراً، يقول: هذه حاله، كلما رأيناه يبكي، نراه يخفي وجهه في الجنازة، ويجلس على زاوية ثم يأخذ يبكي، يتفكر في أحوال الموتى، اسمع إلى قول الشاعر ماذا يقول، وتفكر يا عبد الله:
يا غافلاً عن منايا ساقها القدرُ ما الذي بعد شيب الرأس تنتظرُ
عاين بقلبك إن العين غافلةٌ عن الحقيقة واعلم أنها سقرُ
سوداء تزفر من غيضٍ إذا سعرت للظالمين فما تبقي ولا تذرُ
لو لم يكن لك غير الموت موعظة لكان فيه عن اللذات مزدجرُ