[قصيدة عن الموت]
عبد الله! لا تقل: لما أرجع سوف أتوب، لا تقل: بعد نهاية هذه المحاضرة، الآن الآن تب واندم، ولتدمع العين، وما يدريك لعلها اللحظات الأخيرة
أما تذكر القبر الوحيش ولحده به الجسم من بعد العمارة يخربُ
الجسم الجميل الذي كان يقف أمام المرآة الساعات الطوال يحسنه ويجمله، وكان يتطيب ويغتسل، ولا يرضى بقذارة على جسمه، بعد أيام وبعد لحظات إذا بالدود ينهشه، إذا به ينتن، بعد أيام لو نبشت القبر لا تتحمل رائحته.
يقول أحد الصالحين:
أما تذكر اليوم الطويل وهوله وميزان قسط للوفاء سينصب
تروح وتغدو في مراحك لاهياً وسوف بأشراك المنية تنشبُ
تعالج نزع الروح من كل مفصلٍ فلا راحمٍ ينجي ولا ثم مهربُ
أرجو منك -يا عبد الله- وأنت تسمعني أن تتخيل نفسك! وأن تتمثل أنك أنت الموصوف.
تعالج نزع الروح من كل مفصلٍ فلا راحمٍ ينجي ولا ثم مهربُ
وغمضت العينان بعد خروجها وبسطت الرجلان والرأس يعصبُ
وقاموا سراعاً في جهازك يحضروا حنوطاً وأكفاناً وللماء قربوا
وغاسلك المحزون لعله أخ ولعله أبوك ولعله خليلك
وغاسلك المحزون تبكي عيونه بدمعٍ غزيرٍ واكفٍ يتصببُ
وكل حبيبٍ لبه متحرقٌ يحرك كفينِ عليك ويندبُ
وقد نشروا الأكفان من بعد طيها وقد بخروا منشورهن وطيبوا
وألقوك فيما بينهن وأدرجوا عليك مثاني طيهن وعصّبوا
وفي حفرةٍ ألقوك حيران مفردا تضمك بيداءٌ من الأرض سبسبُ
إذا كان هذا حالنا بعد موتنا فكيف يطيب اليوم أكلٌ ومشربُ
وكيف يطيب العيش والقبر مسكنٌ به ظلماتٌ غيهبٌ ثم غيهبُ
وهولٌ وديدانٌ وروعٌ ووحشة وكل جديدٍ سوف يبلى ويذهبُ
فيا نفس خافي الله وارجي ثوابه فهادم لذات الفتى سوف يقربُ
وقولي إلهي أولني منك رحمة وعفواً فإن الله للذنب يذهبُ
ولا تحرقن جسمي بنارك سيدي فجسمي ضعيفٌ والرجا منك أقربُ
فما لي إلا أنت يا خالق الورى عليك اتكالي أنت للخلق مهربُ
وصلِّ إلهي كلما بر شارقٌ على أحمد المختار ما لاح كوكبُ