من الذي أوصلك؟ وليس كل مرة حتى لا يضيق الأهل منك، ولكن بعض المحاسبة والمراقبة يا عبد الله! في البيت: مع من رجعت؟ لم تأخرتِ؟ والأب يسأل ابنه، فهذا النبي صلى الله عليه وسلم تأتي فاطمة فيقول لها:(أين كنتِ؟ فتقول: كنت في جنازة لبني فلان، فقال: لعلك بلغت معهم -يعني المقبرة- تقول: يا رسول الله! كيف أفعل وقد سمعتك قلت فيه ما قلت! قال: أما إنك لو فعلت -أي دخلتِ المقبرة- ما دخلت الجنة حتى يدخلها جد أبيك).
وعائشة رضي الله عنها تقول: يخرج النبي صلى الله عليه وسلم ليلاً إلى البقيع قالت: فأذهب خلفه وأنظر ماذا يفعل؟ تقول: ودخل المقبرة، ثم رجع، فرجعت، فهرول فهرولت ودخلت البيت وسبقته فدخلت تحت اللحاف وغطيت نفسي، فدخل عليه الصلاة والسلام فجلس عندها فاستمع إليها تتنفس بسرعة، قال:(ما شأنك يا عائشة؟ قلت: لا شيء يا رسول الله! قال: لتخبرني أو ليخبرني اللطيف الخبير، قالت: يا رسول الله! كنت خلفك، قال: أما إنك كنت السواد الذي رأيته؟ قالت: بلى يا رسول الله! أنا السواد، قال: يا عائشة! أخفت أن يحيف الله عليك ورسوله، يا عائشة! أتاني جبريل وخشي أن يدخل عليك وأنت على غير حجاب فخرجت فكلمني وقال لي: إن الله يأمرك أن تذهب إلى أهل البقيع فتستغفر لهم، فذهبت فاستغفرت لهم).
انظر كيف كان يسألها، وكيف كان يحاسبها، فهلا حاسبت زوجتك؟ وهلا حاسبت إخوانك؟ وهلا حاسبت أهل بيتك؟