شاب كان جالساً في الطريق يمر ملكٌ طاغية ظالم فاجر طاغوت يعبده الناس من دون الله، وكان الشاب صالحاً متديناً، فرأى الناس يتجمعون حول هذا الملك الطاغية كلٌ منهم يتقرب إليه، ويتوسل إليه، ويريد منه القربى والزلفى وأموراً من الدنيا، فنظر إلى الناس، ونظر إلى هذا الملك وحوله الجنود، وحوله الحرس.
فإذا ذبابة تطير حول الملك، كلما اقتربت ووقفت على وجهه هشها من حوله، فذهبت ثم رجعت والناس يتعجبون، كلما أراد إزالتها ذهبت الذبابة ثم رجعت على وجه الملك والناس يستغربون، ذبابة ما استطاع دفعها!
فإذا بالشاب المسلم الصالح يستغل الموقف، فإذا به يرتل قول الله أعوذ:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ}[الحج:٧٣] كل الناس يستمعون، فالله يضرب مثلاً ويقول للناس استمعوا لهذا المثل، واسمع إلى هذا المثل:{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً}[الحج:٧٣] الله أكبر! أرأيت هذا المثل في هذا الموقف؟ أرأيت هذا الملك وجنده بل كل من في الأرض جميعاً الشرق والغرب بالتكنولوجيا التي اكتشفوها ووصلوا بها إلى القمر ودخلوا إلى الأرض وكسروا الذرة، هل يستطيعون أن يخلقوا ذبابة واحدة، تحدٍ من الله:{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ}[الحج:٧٣] هذا التحدي الأول.
التحدي الثاني:{وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً}[الحج:٧٣] لو أن الذباب يأخذ شيئاً من طعامهم أو شيئاً من شرابهم فإن كل أهل الأرض ما يسترجعونه؛ لأن الذباب حشرة إذا دخل الطعام مباشرة في جوفها يتحلل الطعام ويتغير مباشرة ويتفكك:{وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}[الحج:٧٣ - ٧٤].
فإذا بالناس كل منهم يكبر ويقولون: لا إله إلا الله، لا إله إلا الله والله أكبر! وانفض الناس عن ذلك الملك:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[الأنعام:٩١].