اسمع يا أخي الكريم! يا من أصيب بالمرض! يا من فجعه المرض! يا من سقط على فراش المرض طريحاً لا يستطيع أن يتقلب يمنة أو يسرة! يا من أصابته الحمى فأنهكته وأهلكته وجلس على الفراش لا يدري هل هو حيٌ أم ميت؟ أوجه إليك هذا الحديث، فاسمع وانبته!
إن أيوب عليه السلام كان يملك مالاً عظيماً، وجاهاً، وأهلاً، وأولاداً، وأنعاماً، وصحةً، وبدناً قوياً، خسر كل هذا، ما الذي بقي له؟
بقي له لسانٌ يذكر الله به، وقلبٌ يعقل، هذا الرجل العظيم جلس على الفراش سبع عشرة سنة يقاوم المرض، ليس عنده إلا زوجته تطببه وتداويه، سبع عشرة سنة على فراش المرض، ماذا قال؟
{وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[الأنبياء:٨٣] * {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ}[الأنبياء:٨٤] مَن الذي مَرِض؟ مَن الذي ابتُلِي؟ (أشد الناس بلاءً الأنبياء) أبشر! إذا أحب الله عبداً ابتلاه، بل إن دليل الإيمان البلية وشدتها، مَن أشد الناس بلاءً؟ (الأنبياء، ثم الأمثل، فالأمثل) ماذا سَمَّى الله عز وجل أيوباً؟ {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}[ص:٤٤](إن الله عز وجل يُذْهِب عن العبد خطاياه كلها بحُمَّى ليلة واحدة) حمى وحرارة ليلة واحدة يُذْهِب الله ويكفر جميع الخطايا.
يا من أصيب بالمرض فجزع، ويا من أتاه خبر المرض فلم يصبر! اسمع إلى الحديث الصحيح:(إذا مرض العبد بعث الله إليه ملكين، فقال: انظرا ماذا يقول لعواده فإن هم إذ جاءوه حمد الله، وأثنى عليه) هل رأيت مريضاً لما يُسأل كيف حالك؟ يقول: الحمد لله رب العالمين، الحمد لله على كل حال، الحمد لله أخذ مني شيئاً وأعطاني أشياءً، الحمد لله الذي لم يجعلني مثل فلان وفلان، الحمد لله إن كان قد ابتلى فقد أنعم:(فإذا هو قد حمد الله، وأثنى عليه يخبران الله عز وجل وهو أعلم، فيقول الله جل وعلا: لِعَبْدي -اسمع وعُد إلى الله- لِعَبْدي إن توفيته أن أدخله الجنة -إن مات بهذا المرض أدخله الجنة، يحمد الله على هذا المرض، ويصبر، ويحتسب الأجر، لو مات في هذا المرض يدخل الجنة- قال: وإن شفيته له علي أن أبدله لحماً خيراً من لحمه، ودماً خيراً من دمه، وأن أكفر عنه سيئاته) هل لك بعد هذا الأجر من أجر؟!