للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة الإمام أحمد وهيئته وسمته]

يصنف كذلك باباً تحت عنوان: صفته وهيئته وسمته.

فيقول أحمد بن العباس بن الوليد النحوي يقول: سمعت أبي يقول: رأيت أحمد بن حنبل رجلاً حسن الوجه، يخضب بالحناء خضاباً ليس بالغالي، في لحيته شعرات سود، ورأيت ثيابه غلاظاً إلا أنها بيض، ورأيته معتماً وعليه إزار.

والعمامة من السنة، لكن الناس حسب عاداتهم، قلت لأحد الإخوة: البس العلمامة، قال: يا أخي هذه سنة من السنن الجبلية، قلت: ما المراد بجبلية أمولود وعليه عمامة؟ الجبلية ما كان من طبيعة الرجل الذاتية مخلوقة فيه، وليست العمامة من هذا النوع، والعمامة فيها أحاديث راجعها في كتب الفقهاء والمحدثين، يقول: أنا ماذا أعمل بهذه السنة ما هي أمر ولا واجب، إنما هي سنن هيئة.

وأبو داود السجستاني يقول: لم يكن أحمد بن حنبل يخوض في شيء مما يخوض فيه الناس من أمر الدنيا، فإذا ذكر العلم تكلم، ما كان يتكلم في أمور الدنيا، لكن إذا جاء وقت العلم بالحلال والحرام، والمسائل الفقهية، وتفسير كتاب الله، ومعرفة حديث رسول الله تكلم، أما نحن فيقعد الواحد منا ساعة، والله الكابلت هذه موديل خمسة وسبعين، وساعة كاملة للكلام في ألوان السيارات، وساعة كاملة في أنواع التواير، وساعة كاملة والثوب هذا قطن وذاك حرير لكن أمور دينهم لا يسألون عنها؛ حتى في الأمور البسيطة، حتى الصلاة لا يسألون عنها أبداً، ولا يذهبون إلى العلماء، ولا يتصلون بهم.

اسمع إلى هذا الحديث الجميل: أبو العباس يقول: سمعت الحسن بن إسماعيل يقول: سمعت أبي يقول: كان يجتمع في مجلس أحمد زهاء خمسة آلاف أو يزيدون، أقل من خمسمائة يكتبون والباقون يتعلمون منه حسن الأدب وحسن السمت، خمسمائة فقط يكتبون الحديث، والباقي ينظرون إلى الخُلُق، ينظرون إلى التصرف، ينظرون إلى الورع، يتعلمون الأدب من شكله وهيئته.

الأخ يسأل يقول: خمسة آلاف كيف يسمعون الحديث عن الإمام أحمد ونحن بعضنا قاعدون في الخلق ولا يسمعون؟

وكذلك ورد عن البخاري أنه كان يحضره عشرة آلاف؛ كيف يكون ذلك ولا توجد عندهم سماعات ولا ميكرفونات؟

الجواب

أيها الإخوة! كانت طريقتهم التبليغ، يقوم المحدث يحدث ثم بعد مائة متر يختارون رجلاً صافي السمع يسمع المحدث ويقرأ الحديث ويبلغه كما هو، وبعضهم واقف على النخل يسمع الكلام والحديث فيبلغه، وهكذا أذان الحرم، المؤذن يقول: الله أكبر، وآخر يقول مثله فينتشر الأذان، ونتوقع في عشرة آلاف عندما يخلص الإمام الدرس يقول: وصلى الله وسلم على محمد، فينقلها الآخر، ويقوم أول الناس وآخرهم منتظر يسمع قوله: وصلى الله على محمد ثم يقومون، وهكذا تنتقل الكلمة شيئاً بعد شيء، نحن الآن ميكرفونات والناس يسمعون، وهذا الموقف يذكرني بالشيخ محمد الأشقر حفظه الله كان يلقي درساً عن البدعة، عند أناس عندهم كل شيء بدعة حتى البدعة بدعة عندهم، ما تركوا شيئاً، فيقول، كنت جالساً في بريدة فيقول أحد خطباء المساجد: هناك عالم لا يستخدم الميكرفون يقول: بدعة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول الشيخ محمد الأشقر: يريد إقناعه، بعد يوم من الأيام كنت جالساً معه، وكان عنده كتاب، قلت له: اقرأ علي هذا الكتاب، فحمل نظارته يريد يلبسها يقرأ، قلت: لماذا تلبس النظارة، ما لبسها الرسول صلى الله عليه وسلم فهي بدعة؟ قال: لا.

تكبر الكلام، قلت: والميكرفون يكبر الصوت، فاقتنع بهذا.