يقول إياس بن معاوية عن أم الهذيل؛ وهي فقيهة أنصارية حفصة بنت سيرين، يقول: قرأت القرآن ولها من العمر ثنتا عشرة سنة، اشترت لها جارية، فسألت الجارية: كيف رأيت مولاتك؟ -كيف ترينها في البيت ماذا تصنع؟ - فذكرت كلاماً بالفارسية -كانت فارسية- ومعنى كلامها: أنها امرأة صالحة، وأظنها أذنبت ذنباً عظيماً؛ لأنها تبكي الليل كله وتصلي.
بكى الباكون للرحمن ليلاً وباتوا دمعهم لا يسأمونا
لقاء الأرض من شوقٍ إليهم تحن متى عليها يسجدونا
ماذا نقول لامرأة تبكي الليل؛ لكن لمَ؟ على عشيقٍ لها، وأخرى تسهر الليل، هل على القرآن؟ لا والله، على مسلسلٍ أو فيلم في الثلث الأخير تشاهده، وأخرى تنتظر رنة الهاتف لترفعه وقلبها يرتجف، هل شابٌ يكلمها، أو آخر يتعرف عليها {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ}[الزمر:٥٦ - ٥٧].