للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب انتشار ظاهرة الفحش]

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبي بعده.

أما بعد:

قال عليه الصلاة والسلام: (أتدرون مَن المُفلس؟ قالوا: المُفلس من لا درهم له ولا متاع، قال: المُفلس مِن أمتي مَن يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وحج، ويأتي وقد سب هذا، وشتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا) مسكين، لو في كل يوم سبة واحدة، فإنه في السنة يزداد سبه على الثلاثمائة والستين سبة، فيأتي الناس كلهم يجتمعون عليه- فيأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، حتى إذا فنيت حسناته، أتعرف ما حسناتُه؟ صلاته ضاعت، صيامه فَنِي، زكاته ضاعت، حجه ذهب، كل أعماله قد ذهبت وولت، تعبه في الدنيا كله قد ضاع، قال: (حتى إذا فنيت حسناته، أُخذ من سيئاتهم، ثم طُرحت عليه، ثم طُرح في النار) أتعرف ما الذي أرداه؟ (وهل يكب الناسَ في النار على مناخِرهم إلا حصائدُ ألسنتهم).

اللسان يا عبد الله، احفظ لسانك عن سب الناس وشتمهم، ووصف القبيح والبذيء والفُحش وما غَلُظ من القول.

عباد الله: ما الذي جرَّأ الناس على هذا الكلام؟

أسباب كثيرة:

من هذه الأسباب:

السبب الأول: مخالطة الفاحشين الفحَّاشين، بذيئي اللسان:

فالمرء على دين خليله، وانظر -يا عبد الله- المجالس التي تجلس فيها، فإن كانت هذه المجالس فيها من السب والشتم والفُحش والبذاء فإنك يوماً من الأيام سوف تقول مثلما يقولون، والله جل وعلا يقول: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:٧٢] هذه المجالس لا يُجْلس فيها.

السبب الثاني: ثم من الأسباب: بعض المسلسلات والأفلام والقصص، التي تخبر بالفُحش والبذاءة، والقبح والسب واللعن -عافانا الله وإياكم منها- حتى إن بعض الناس يقص منها بعض القصص في الجرائد والمجلات والكتب، فيقص بعض الفواحش وكيفية وقوع الرجل على المرأة، وكيفية عمل بعض المنكرات، وما قَبُح من القول، فيصفه بالتفصيل في بعض القصص التي تُنشَر في بعض الجرائد والمجلات، وبعضها تكون في أفلام تُبَث عبر الهواء مباشرة من دول الغرب، والكفر والإباحة، ثم يعتاد كثير من المسلمين هذه الكلمات، فإذا أنكرت عليه يقول: أنا أفضل من فلان، ويا مسكين! أنت لا تعلم ما يقول فلان، وما يفعل فلان، أنا فقط أتلفظ، أما فلان فيفعل كذا وكذا.

سبحان الله! حتى أصبح المنكر معروفاً، وأصبحت الكبائر صغائر، وأصبح الناس يتهاونون بهذه الألفاظ.

وتذكر دائماً يا عبد الله، وتفكر في هذا الحديث: (إن الله يُبغض الفاحش البذيء) يُبغضه الله جل وعلا.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر اللهم أعداء الدين، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.