إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أيها الإخوة المسلمون: يقول عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وفي رواية:(إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق) فغاية دعوته عليه الصلاة والسلام أن يتمم الأخلاق؛ أخلاق الناس بينهم وبين الله، أخلاق الناس بينهم وبين أنفسهم، وبينهم وبين بعضهم البعض، يتمم صالح الأخلاق ومكارمها وأحسنها، فكان أفضل الناس خلقاً عليه الصلاة والسلام.
ومعنا في هذه الخطبة خلق من أخلاق الإسلام التي ضاعت عند كثير من الناس، وهذا الخلق -أيها الإخوة الكرام- ذكرناه مراراً وتكرراً، ولكنني أحببت أن أفصل له خطبة كاملة، وأجعل له حديثاً مفصلاً، فاسمع أخي الكريم إلى هذا الخلق، ثم تفحص نفسك أولاً، وتفحص من حولك، وانظر أين هم من هذا الخلق القويم؟
في هذه الأيام بين الرجل وزوجاته، وبين الرجل وأولاده، وبين الرجل وجيرانه، وبين الأخ وإخوانه، وبين الدعاة إلى الله، وبين طلاب العلم، وبين أهل التجارات، وبين أهل الصناعات، ما يحدث هذه الأيام إن دل فإنما يدل على فقدان هذا الخلق العظيم، ألا وهو الخلق الذي قامت عليه السماوات والأرض؛ وهو خلق العدل والإنصاف العدل بين الناس العدل الذي أصبح بين الناس عزيزاً، حتى إنك لا تجده في كثير من الصالحين فضلاً عن عوام الناس.
فاسمع أخي الكريم! كيف يحثنا الله عز وجل على هذا الخلق، فيقول جل وعلا:{وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا}[الأنعام:١٥] إذا تكلمت، بل إذا حكمت بين الناس، قال:{وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ}[النساء:٥٨] هذا الذي يعظكم به هو العدل والإنصاف.