لعل السبب: أنك كنت تدعو إلى الله، فدخل في قلبك شيء لغير الله.
لعلك يوماً من الأيام أردت أن يشير الناس إليك بالبنان، أو أردت أن تحصل على المناصب، أو أردت أن تدعو لكن دخل في قلبك شيءٌ لغير الله، إنه الرياء، وما أدراك ما الرياء!
من الذي يتعثر في الدعوة إلى الله؟ إنما يتعثر من لم يخلص عمله لله، وإلا فالدين ما زال بحاجة إلى رجال، والدعوة ما زالت بحاجة إلى دعاة، الدين لا زال يضربه ويشتمه ويسبه كثيرٌ من الناس ما الذي جرى؟ لعلك لم تكن مخلصاً لله، أو أخلصت ودخل في قلبك شيء، لعلها الدنيا:(تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم) ألم تعلم أن رسولك -هو خير الناس على وجه الأرض- مات ولم يخلِّف إلا بغلة وبعض الدراهم، ودرعاً مرهونة عند يهودي، كان ينام على الحصير حتى يؤثر في جنبه يمر الهلال تلو الهلال تلو الهلال ولا يوقد في بيته شيء، ويأتي عائشة في الصباح.
فيقول لها:(هل عندكم طعام فتقول: لا) بيت أفضل الخلق ليس فيه طعام! وأنت لا هم لك في اليوم والليلة إلا أن تجمع الطعام والأموال، والرصيد، والسيارة ليست كسيارة فلان، والسفر إلى الخارج، وغيرها من الترهات والتفاهات.
يأتيها ويقول لها:(هل عندكم طعام؟ فتقول: لا.
فيقول: فإني صائم) الله أكبر!
ويربط عمر بن الخطاب بطنه وهي تقرقر ويقول لها:[قرقري أو لا تقرقري فوالله لن أشبع حتى يشبع عيال المسلمين].
ألم تعلم أن أبا أيوب الأنصاري يقول: [جاهدنا مع رسول الله، فقلنا بيننا وبين أنفسنا: إن أموالنا قد ضاعت -ضيعوا المزارع والبيوت من أجل الجهاد في سبيل الله- لو أنَّا التفتنا إلى أموالنا وأقمنا فيها فأصلحنا ما بها- لقد جاهدوا مع رسول الله، ولكن أرادوا أن يصلحوا بعض ما هلك من أموالهم- فأنزل الله تعالى:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}[البقرة:١٩٥] ويروى عن أبي أيوب أنه ما زال بعد هذه الآية يغزو في سبيل الله حتى قبضه الله].