لا أدري ما هو السبب الذي غيرك بهذه الصورة؛ حتى أصبحت تظن أن المجالس لشرب الشاي والقهوة من دون الدعوة إلى الله؟ أصبحت تظن أنَّ هذا المجلس تستمع فيه إلى درس ثم ترجع فيه إلى البيت فتصبح به داعياً إلى الله؟ مسكين إن ظننت هذا الظن!
لا أدري ما السبب الذي أوصلك إلى هذه الحال؟ لعلها صُحْبَتُك لذوي إرادات ضعيفة، وهمم دنيئة، لعلك كنت تصاحب أناساً لا هم لهم إلا التجارة، والمال، والسفر، والبيوت، والعقارات، كنت تخالطهم حتى أصبحت مثلهم، وكما قال عليه الصلاة والسلام:(المرء على دين خليله) وقل لي من تجالس أخبرك من أنت.
لعل السبب هو الذنوب والمعاصي، فانظر إلى نفسك، وحاسبها، وتذكر: يوماً من الأيام قمت لصلاة الفجر، واستمعت إلى الأذان، فرجعت ونمت، لعله السبب الذي به خذلك الله عن الدعوة إليه.
استمع إلى ما قاله ابن القيم رحمه الله، يقول: ومن عقوباتها -أي: المعاصي- أنها تضعف سير القلب إلى الله وإلى الدار الآخرة.
تضعف السير، لا تجعلك تسير، ولا تتقدم في الدعوة إلى الله أو تعوقك وتوقفك وتعطلك عن السير، فلا تجعلك تخطو إلى الله خطوة، حتى لا تستطيع أن تنصح نصيحة واحدة بسبب الذنوب والمعاصي.
أتذكُر تلك الليلة عندما أغلقت على نفسك الباب ففعلت فعلتك التي فعلت؟ أتذكر ذلك اليوم عندما فتحت الجريدة فنظرت إليها؟ ومسكين أنت تظن أنه لا يراك أحد {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى}[العلق:١٤].
يقول ابن القيم متمماً كلامه: هذا إن لم ترده عن وجهته إلى الوراء.
أي: الذنوب والمعاصي {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}[التوبة:٤٦] ثبطهم الله عندما علم ما في قلوبهم من الذنوب والمعاصي، ولعلها هي التي أقعدتك بعض الشيء.