كم وكم من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي أسقطها العلماء في الأحكام ولم يوردوها في الأخبار، ذلك أن أحد رجال السند لا يصلح للنقل لأنه ليس بحافظ ولا ضابط ولو كان رجلاً صالحاً، واسمع إلى أبي الزناد، يقول:"أدركت بـ المدينة مائة كلهم مأمون" أي: كلهم رجال صالحون مأمونون قال: "لا يؤخذ عنهم الحديث، يقال: ليس من بأهله"، أي: رجل صالح أمين تقي ورع، ولكن لا يقبل منه الحديث، لأنه ليس من أهله حيث إنه لا ينقل الحديث بالنص ولا يحفظه فكيف نأخذ منه الرواية؟
يقول وكيع بن الجراح وذكر له رجلاً من السلف، قال:"ذلك رجل صالح -وليس أي رجل- وللحديث رجال" نعم! مع أنه صالح وصاحب دين وعلم، لكن لا يؤخذ عنه الحديث، ولا أخبار الناس، ولا تقبل روايته إلا بعد أن نتبين ونتثبت، والله جل وعلا يقول:{وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}[الإسراء:٣٦] أي: لا تقل شيئاً ولم تتأكد وتتثبت منه، ثم يظهر لنا بعض الناس يقول: أنا لا أتكلم على أحدٍ، إذن: بهذه الطريقة لا نتهم أحداً.
أقول لك يا عبد الله: كفى بهذا الأمر شرفاً وعزاً أن تأتي عند الله -جل وعلا- ولم تحمل على ظهرك أوزاراً للناس، ولم تتكلم على أحد من البشر، إلا بعد أن تثبت وتبينت وتأكدت من الخبر.