فلا تكن مثالياً، إلى درجة أنك تقول: أنا من الساعة الخامسة إلى الساعة السادسة في الكتاب الفلاني، ومن السادسة إلى السابعة إلا ربع في الكتاب الفلاني، وبعد المغرب من الساعة السابعة والربع إلى الساعة الثامنة إلا ربع في الكتاب الفلاني، حتى تنام، وهكذا من الصباح إلى الليل لا تضحك على نفسك، ولا يكن تخطيطك بهذه الدقة، فلا بد أن تجعل لك أوقات فراغ، وراحة، تحسباً للطوارئ وللظروف، ولراحة الجسد، فإن العين تمل، والنفس تمل، فلا بد أن تكون مسايراً للواقع، تقول: بعد العصر لهاتين الشغلتين كله، أو بعد المغرب لهذه الشغلة، حتى إذا كانت هناك أوقات فراغ فما يضيع عليك جدولك.
أيضاً أيها الأخ: اعلم أن الأمور الطارئة ليست فشلاً في جدولك، فقد تضع اليوم جدولاً لقراءة كتاب، وحفظ متن، فيأتيك أخ لك ويقول: تعال معنا لعمل شيء ما، أو لتوزيع شريط إسلامي أو زيارة، أو غيرها فلا تقل: أنا اليوم عندي جدول لأقرأ هذا الكتاب هذه أمور طارئة، لا بد منها، واعلم أنها ليست فشلاً لجدول إذا كانت لله عزَّ وجلَّ، وفي طاعة.
أيضاً اعلم أن بعض الناس بغيض، تجلس معه نصف ساعة فيقول: اسمح لي، انتهى وقتك، هذا هو الوقت المحدد للزيارة، حتى إن بعض الناس قيل له: أريد أن أجلس معك، فقال: كم تريد؟ قال: ربع ساعة قال: لا بأس، وأول ما جلس أخذ يراقب الساعة، فلما انتهت الربع الساعة قام، فقال: ما أكملت حديثك، بغير سلام ولا كلام ولا استئذان، فهذا الأمر يجعلك عند بعض الناس بغيضاً نعم لابد من الدقة، لكن ليس إلى هذه الدرجة، على الأقل اعتذر له، ولو بلباقة.
أيها الإخوة: أعلموا أن البداية لا بد أن تكون بقوة، فلابد أن تبدأ طلب العلم والنشاط في هذه العطلة بقوة، لكن عليك بالحكمة، فقد يكون حماسك بتهور ثم تنقطع ابدأ بقوة لكن بحكمة وبعدل واعتدال.
ثم عليك ألاَّ تكون وحدك، استشر، وكوِّن لك مجموعة قرناء، واعلم أن القرين إذا كان ضعيفاً سيحبطك، بل اجعل لك قريناً أعلى منك مرتبة، أو على الأقل يساويك في الرتبة في العلم، حتى تتنافس معه.