جاء موسى عليه السلام بعصا ومعه أخوه هارون إلى ذلك القصر العظيم؛ قصر فرعون، الذي كان يقول للناس:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}[النازعات:٢٤] ليس أي رب! بل الأعلى، واستأذن موسى من البوابين، وقال: أريد أن أدخل على فرعون.
قالوا: أنت تدخل على فرعون!! أنت صاحب العصا، والملابس الرثة وتدخل على فرعون! قال: استأذنوه، فأذن له فرعون متعجباً من أمره، فدخل موسى الذي ربي في قصر فرعون، فقال له: ما الذي جاء بك يا موسى؟ قال: جئت أدعوك إلى الله جل وعلا وإلى أن تزكى! فإذا بفرعون يتجبر ويطغى ويرعد ويزبد، فقال له موسى: إن جئتك بآية أتؤمن بها؟ قال: ائت بها، فإذا بموسى عليه السلام يخرج يده فإذا هي بيضاء، ويلقي عصاه فإذا هي ثعبان فخاف فرعون، وقال للملأ يستشيرهم: ماذا أفعل؟ قالوا: أَرْجِهْ وَأَخَاهُ.
أي: أخره وأخاه، لا تقتله، افضحه عند الناس، اكشف لعبته وسحره أمام الملأ.
قال بعضهم: أخره أربعين يوماً.
فقال: يا موسى! نؤخرك إلى يوم بيننا وبينك {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ}[طه:٥٩]-وهو يوم العيد- أريد أن يكون الموعد في يوم العيد؛ اليوم الذي يجتمع فيه الناس كلهم {قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحىً}[طه:٥٩] ليس في الليل ولا في الفجر، بل في الضحى وكل الناس فيه منتبهون، ليس هناك رجل نائم ولا غائب، بل كلهم مجتمعون -انظر الواثق بدينه وبربه والمستيقن به- قال فرعون: لك ذلك.