قبل أيام جاءني بعض الإخوة -واسمعي وانتبهي فالخطب جلل- من الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، من الدعاة الصادقين، رأوا بعض العمارات التي يدخلها النساء غير الشريفات، عمارات وشقق مخصصة لهذه الدعارة الفاضحة الماجنة، فانتظروا تلك المرأة حتى خرجت، فجاءوا إليها يكلموها وينصحوها، فاتضح أنها تملك بيتاً وزوجاً وأولاداً وبناتاً، لا إله إلا الله! من الذي جرها إلى هذا؟ من الذي ضحك عليها؟ من الذي غرها؟
أختي الكريمة: إن هذا الحياء الذي نطالبك به وذلك الحجاب، وأن تصبح المرأة كلها محجبة محتشمة ليس طاعة لفلان أو علان، وليست عادة، وليست تقاليد، أو موروثات، لا يا أختي الكريمة، إنما هي طاعة لله ولرسوله:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزاب:٣٦] ليست لك الخيرة، إنه أمر الله، وأمر رسوله عليه الصلاة والسلام.
أختي الكريمة: كلها ستين أو سبعين سنة ثم ماذا؟! ثم سوف تقفين بين يدي الجبار العزيز القهار، الذي لا تخفى عليه خافية {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}[آل عمران:٣٠].
أختي الكريمة: سوف تقفين بين يدي العزيز القهار الجبار، يقول لك: يا فلانة! ألم أوجب عليك الحجاب؟! يا فلانة ماذا فعلت بالحياء؟! يا فلانة ألم تعلمي أنني أراك وأنت تكلمين ذلك الرجل؟! ألم تعلمي أنني أسمعك وأنت ترفعين سماعة الهاتف فتكلمي فلاناً ويكلمك فلان؟! فلانة ما الذي غرك بي؟ ألم أصح لك جسدك؟ ألم أسقك من الماء البارد؟
وإن كذبت على الله وقلتي: يا رب ما فعلت شيئاً، يا رب ما ارتكبت شيئاً، ما كلمت رجلاً قال:{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}[يس:٦٥] تنطق اليد فتقول: يا رب! في اليوم الفلاني فتحت تلك المجلة، وذلك التلفزيون، ونظرت إلى ذلك المسلسل، يا رب! في اليوم الفلاني صافحت ابن عمها، وصافحت ابن خالها، يا رب! في اليوم الفلاني لمست ذلك الرجل ولمسها ذلك الرجل، إنها الفضيحة، إنه العار، والذل بين يدي العزيز القهار، ذلك اليوم تصبح المرأة -واسمعي إلى حالها-: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ}[الحج:٢].
هل تتحملين يا أختي الكريمة وقوفك أمام الله جل وعلا، الجلد يتكلم، والرجل تنطق، تقول: يا رب في اليوم الفلاني سافرت بغير محرم، يا رب في اليوم الفلاني ذهبت إلى ذلك المطعم، ولذلك الملهى، ولذلك النادي، وإلى ذلك السوق {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ}[فصلت:٢١].