للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أسباب عدم التأثر بالقرآن]

السؤال

ما هي الأسباب التي جعلتنا لا نتأثر بآيات الله عز وجل، حتى عند ذكر الجنة والنار؟

الجواب

أول سبب هو المعاصي والذنوب، قال الله جل وعلا: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:١٤] تقول لي: أنا الحمد لله لا أشرب الخمر، أنا الحمد لله لا أزني، أقول لك يا عبد الله: من الصغائر ما تصل إلى درجة الكبائر، تقول لي: وكيف؟ أقول لك: كم ترى في اليوم والليلة من امرأة؟ تلفت النظرة الأولى بل أكثر، هل تستمع إلى أغاني أو موسيقا بحجة أخبار، بحجة فيلم أو مسلسل؟ بل من أباح لك النظر إلى هذه المسلسلات أليست فيها عورات؟ أليس فيها ما يلهي عن ذكر الله جل وعلا؟ هل يزل اللسان فتغتاب أحداً؟ تتكلم في عرض أخيك تنم بين اثنين تكذب تسخر؟ هل تفعل هذا يا عبد الله؟ هذه الصغائر.

لا تحقرن صغيرة إن الجبال من الحصى

صغيرة على صغيرة على صغيرة، كما قال الله جل وعلا: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:٤٩] أول سبب الصغائر.

ثاني سبب: التفريط في الطاعات والواجبات التفريط في الصلوات إلا من رحم الله تفريطٌ في النوافل.

ثالث الأسباب يقول ابن القيم: من أسباب قسوة القلوب: الإفراط في المباحات.

وهي من خطوات الشيطان، يأتيك فيقول لك: يا فلان! هل هذا حرام؟ الحمد لله هذا ليس بحرام، اجلس في المجلس بعد العشاء ساعتين أو ثلاث ساعات وأنت تشرب الشاي والقهوة هل تتحدثون بذكر الله؟ لا.

إنما تتحدثون في الأسواق، وفي أسعار العملات، وفي الدول الثانية، وأخبار المباريات، وفلان فعل وفلان ترك ساعتين وثلاث ساعات كل ليلة على هذه الحال، ثم يقول: لا أتأثر إذا ذكرت الله؟ أقول لك: كل هذا المباح {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان:٧٢] قد يجلس ساعة وساعة، ولكن لا يكثرون منها.

دخل عليه الصلاة والسلام يوماً على الصحابة وقد أكثروا في الضحك مع أن الضحك حلال، ولكن إذا زاد عن الحد الذي حده الله قسى قلبي؟ قال عليه الصلاة والسلام: (والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً، فغطى أصحاب رسول الله وجوههم ولهم خنين من البكاء).

نعم يا عبد الله! المباحات إياك إياك والإكثار منها؛ فإنها سببٌ لقسوة القلب كثرة الأكل والشرب، كثرة النوم، كثرة حديثٍ لا معنى له ولا فائدة منه، كثرة التجول في الأسواق بغير داعٍ ولا معنى، فكثرة المباحات تقسي القلوب، واعتكف على طاعة الله، جرب يومين ثلاثة أيام قيام الليل، واترك المعاصي والذنوب، واعتكف على قراءة القرآن يوماً ويومين وثلاثة ثم انظر إلى القلب كيف يتأثر.

هذا هو علاج القلب يا عبد الله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨].