[القرآن يثبت القلب ويزيد في الإيمان]
أعظم أسباب تقوية الإيمان القرآن: {كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ} [الفرقان:٣٢] يثبت القلب، ويزيد الإيمان، كم كان النبي بحاجة للقرآن في حياته؟
ما نزل القرآن جملة واحدة؛ لماذا؟
حتى يثبت النبي عليه الصلاة والسلام، سورة بعد سورة، آية بعد آية، حتى يثبت القلب ويطمئن، تأتيه امرأة عجوز حقيرة تقول: يا محمد! ما أرى شيطانك إلا قد هجرك -تقصد: الوحي تستهزئ بالنبي عليه الصلاة والسلام- فحزن وضاق صدره فأنزل الله: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى:١ - ٥] يأتون ليستهزئوا به فينزل الله عز وجل آيات تصبره وتثبته.
في يوم من الأيام جاءه رجل، يقول له: اعدل يا محمد، هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، وذلك بعد حنين - قال: (ويحك! من يعدل إن لم أعدل؟).
هذا من رءوس الخوارج، ومن الذين كانوا يُكَفّرون بالمعصية، واعتدوا حتى على مقام النبوة، يتهم النبي عليه الصلاة والسلام بالظلم، من يعدل إذا ما عدل النبي صلى الله عليه وسلم؟
لكنها السفاهة والسفالة، سفهاء أحلام حدثاء أسنان، فقال خالد: دعني أضرب عنقه -أي: أقتل هذا المرتد الذي يتهم النبي عليه الصلاة والسلام، قال عليه الصلاة والسلام: (لا تقتله؛ حتى لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ثم قال: رحم الله موسى أوذي أكثر من هذا فصبر) موسى عليه السلام يذهب يكلم ربه، فيرجع، فيجد قومه يعبدون العجل، موسى عليه السلام لما كلمه الرب جل وعلا وسمع بعض العباد -عباد بني إسرائيل الذين ذهبوا يستغفرون الله لبني إسرائيل- قالوا لموسى عليه السلام: لن نؤمن لك، وهم أعبد بني إسرائيل، قال: لِمَ لا تؤمنون لي؟
قالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون، أخذ الله أرواحهم وماتوا، ثم بعثهم الرب جل وعلا، فقد كان بنو إسرائيل معاندين لما قال لهم: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة:٢١] ماذا قالوا لموسى عليه السلام في نهاية الأمر؟ قالوا: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة:٢٤] انظروا أذى بني إسرائيل لموسى عليه السلام.
أعظم ما يقوي إيمانك يا عبد الله! القرآن، اقرأ القرآن قصص الأنبياء توحيد الله وآياته المعجزات في القرآن، عندما تقرأها يزداد إيمانك، كل ليلة يسهر الرجل على الأفلام الخليعة إلى آخر الليل، والرب يقول: (هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟).
وآخر يقيم على الأفلام الخليعة يقول لي صاحبه: والله إذا أذن المؤذن لصلاة الفجر ضاق صدره، واشمأز، وأغلق النافذة، ورفع صوت التلفاز حتى لا يسمع الأذان؛ يكره حتى صوت الأذان: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [الزمر:٤٥] مطرب أو مطربة {إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر:٤٥] ما عنده مانع من أن يحضر حفلة غنائية ثلاث ساعات؛ لكن خطبة الجمعة ثقيلة، ما عنده مانع أن يقف أربع ساعات أمام التلفاز؛ لكن نصف ساعة يصلي التراويح صعبة فيقول: أطال علينا الإمام.
لا يرتاح إذا سمع ذكر الله، أما إذا سمع من دونه أهل الغناء والطرب يبشر ويفرح، هل سمعتم بالمشركين كيف تأثروا بالقرآن؟ هل تعلم أن أبا جهل فرعون هذه الأمة كان يذهب أحياناً في الليل خفية يستمع إلى قراءة النبي للقرآن، ورآه بعض المشركين، وإذا به يعتذر أنه فقط يسمع هكذا، ولكنه كان يتلذذ بقراءة القرآن، فلماذا لم يؤمن؟
عناد وكبر؛ حتى لا يقال: إن الإمارة والسيادة صارت لغيره، فقط لهذا ما آمن ولكنهم كانوا يعرفون أن القرآن حق، وأنه كلام الله، يسمعونه رطباً من النبي عليه الصلاة والسلام.