[ليكن لك هدف]
لن تستغل وقتك حتى تجعل لك هدفاً، قبل أيام كانت هناك اختبارات، وكم كان الوقت ثميناً عند الطلبة؟ كان الطالب لا يضيع دقيقة، وإذا طلب منه أحدٌ شيئاً قال: أنا مشغول.
يريد أن يقرأ ويذاكر، فقد عرف قيمة الوقت؛ لأن عنده هدفاً، وهو الاختبار، وهذا هو الذي جعله يستغل الوقت.
فليكن لك هدف، أما أن تحفظ القرآن في العطلة، على الأقل تحفظ عشرة أجزاء، وتنتهي من تفسير القرآن الكريم كله ولو مختصراً، وتنتهي من حفظ متن في الفقه، فتعرف أحكام الفقه كلها، وتحفظ بضعة أحاديث، أو تدعو إلى الله وإذا لم يكن لك هدف فاعلم أنك لن تستغل وقتك، ومِن الناس مَن يخطط مِن الآن لأهداف مثل النوادي الصيفية، أو المراكز، ولعب الكرة، أو يدخل نادياً يتقوى فيه، فهدفه أن تنتهي العطلة وقد قوي جسده
يا خادم الجسم كم تتعب لراحته أتعبت نفسك فيما فيه خسرانُ
أقبل على النفس فاستكمل فضائلها فأنت بالنفس لا بالجسم إنسانُ
فالمهم النفس {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس:٧ - ١٠].
وما هي الفائدة التي يجنيها هؤلاء؟ يتعب سنوات من عمره وتضيع هباءً وهدراً، ثم بعد هذا يحصل على الكأس، ويصبح نجم الكرة، ثم بعد سنوات يُنسى ويُطوى في التاريخ، كما نُسي غيره، ثم يعقب هذا كله الندم والخسران والألم والحسرة! هذا إن أصبح نجماً، فما بالك إن لم يصل إلى هذه المنزلة أو إلى هذه الدرجة! ماذا سيكون حاله؟ سوف يُنسى كما نُسي غيره.
وبعض الناس هدفه في هذه العطلة أن يسافر إلى دول الفجور والخنا والزنا، يجمع المال من الآن، ويخطط مع أهله، فيذهبون إلى تايلاند، أو إلى بانكوك، أو إلى إنجلترا، أو إلى فرنسا أو إلى باريس، أو إلى غيرها من الدول، ويظن أنه سوف يتمتع وبعض الناس يخطط في هذه العطلة أن يستمع الموسيقى، ويصبح مغنياً مطرباً، فيدخل معهد الفنون والموسيقى.
ومنهم ذلك الشاب الذي ما إن انتهت الدراسة إلا وقد عزم وأصر أن يختم القرآن في هذه العطلة، فما إن تنتهي الدراسة وتبدأ العطلة، إلا ويبدأ يعكف على كتاب الله، يقرؤه آناء الليل وأطراف النهار، ويراجع ما فاته من الحفظ، ويبدأ في الحفظ ويتقن حفظه، حتى ينتهي من حفظ القرآن، ثم يبدأ في حفظ حديث النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الثرى والثريا {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل:٤].
قد هيئوك لأمر لو فطنتَ له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهَمَلِ
أيها الأحبة: كل الناس أغلبهم عنده هدف، وانظر إلى أهداف بعضهم الدنيئة والحقيرة:
منهم في هذه العطلة من يريد أن يجمع المال، وبعد جمع المال، ما الذي سوف يحصل؟ المال تتعب قبل جمعه وبعد جمعه، أما العلم فسوف يريحك، وسوف ينعمك في هذه الدنيا.
ومنهم من يحرص على متابعة برامج التلفاز، ويجمع الأموال ليشتري جهاز فيديو، بل يشتري جهازاً للبث المباشر؛ ليتابع البرامج الغربية الخلاعية وغيرها أهذا الهدف خير أم هدف ذلك الشاب الذي ينوي في هذه العطلة أن يطلب العلم، وأن يدعو إلى الله، فما أن تنتهي العطلة إلا وقد طرق كل بيت من بيوت الجيران، يعاهد ربه ما أن تنتهي العطلة إلا وقد ختم هذه الكتب كلها، فينتهي من الكتب المختصرة، ثم الموسعة، ثم المفصلة، فتنتهي العطلة وقد تعلم في ثلاثة أشهر ما لا يتعلمه غيره في سنوات.