[من أسباب حفظ المرأة نفسها: مجالسة الصالحات]
ومما يحفظك عن الذنوب والمعاصي -يا أمة الله- مجالسة الصالحات، اهجري تلك اللواتي عرفنك على الذنوب، وأعطينك تلك الصور، وتلك الأفلام والأشرطة، انصحيهن ثم اهجريهن لله جل وعلا: (إنك في أرض سوء فاتركها إلى أرض كذا وكذا، فإن فيها قوماً يعبدون الله فاعبد الله معهم).
أمة الله: ما الذي تعلمتيه من تلك المجالس مجالس السوء؟ لم تتعلمي إلا الغيبة والكذب، وقد رجعت إلى البيت وأمرك زوجك بطاعة الله فإذا بك تتجرئين عليه، وتقولين له: لا طاعة لك علي، ومن الذي سلطك عليَّ؟ أنا وأنت سواء سبحان الله! علَّمنك على الفجور والعصيان، ثم تدمرت تلك البيوت وفسدت، ثم لما رجعت إليهن فإذا بهن يتركونك وأنت في أحوج اللحظات إليهن.
أمة الله: ضعي يدك في يد أولئك الصالحات، واجلسي معهن وقولي لهن: إني قد تبت إلى الله، إني أريد أن أجلس معكن، وأذهب معكن، وأسافر معكن، فإنهن لا يسافرن إلا إلى العمرات، وإلى حرم الله جل وعلا، وإذا جلسن لا يجلسن إلا على طاعة الله، وذكره جل وعلا، ولا يقرأن إلا القرآن إنهن يجلسن في المباح، ويضحكن، ويلعبن ويرمين، ولكنهن يلعبن ويلهين في المباح، أما في حدود الله فلا {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً} [الكهف:٢٨].
ولا تقولي: هذه معقدة، أو متزمتة، أو هذه ما أظنها تضحك اجلسي معهن وجربي ولو يوماً من الأيام، جربي مجالسهن، فوالله إنها أسعد المجالس، وأفضل الجلسات، وأحلى الكلمات تخرج من أفواههن.
يا أمة الله! ضعي يدك في أيديهن، فوالله إنك لو صافحتيهن وجلستي معهن، فإن هذا هو الطريق إلى جنات الله جل وعلا، وإن حلقات مجالسهن رياض الجنة، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيتم رياض الجنة فارتعوا، قالوا: وما رياض الجنة يا رسول الله؟ قال: حلق الذكر).
أمة الله! راقبي الله جل وعلا، واعلمي أنك إذا تجرأت على المعاصي فإن لك رباً يراقبك، ويحسب عليك النفس، والكلمات والخواطر، واعلمي أنك لن تقوي على عقوبة الله جل وعلا، ولن تتحملي عذابه، وأنه إذا أخذتك الملائكة -زبانية العذاب- فإنك لن تستطيعي لهم رداً.
ثم إذا تركت الذنوب والمعاصي، فارجي رحمة الله جل وعلا: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ} [آل عمران:١٣٣] فيها الأنهار تجري من غير أخاديد، وفيها الخيام من لؤلؤة مجوفة، وفيها الظلال ممتدة، يسير الراكب الجواد المضمر مائة عامٍ لا يقطعها.
ثم تمسكي بالصالحات، واجلسي معهن، واعلمي في النهاية أن: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون).
يا نفس توبي فإن الموت قد حانا واعصي الهوى فالهوى ما زال فتانا
أما ترين المنايا كيف تلقطنا لقطاً فتلحق أخرانا بأولانا
في كل يومٍ لنا ميتٌ نشيعه نرى بمصرعه آثار موتانا
يا نفس مالي وللأموال أتركها خلفي وأخرج من دنياي عريانا
أبعد خمسين قد قضّيتها لعباً قد آن أن تقصري قد آن قد آنا
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.