[إلى الغافل عن عظمة الله]
يوماً من الأيام والنبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، فإذا به يقول لهم: (تسمعون ما أسمع؟ قالوا: لا يا رسول الله) واسمعوا هذا الحديث، وأريد كل واحدٍ منكم أن يتصوره، قال: (أطت السماء) والأطيط: هو صوت الحمل على الناقة إذا كان ثقيلاً ومشت الناقة يظهر له صوت، بعضكم لعله سمع أو يتخيل هذا الصوت، وأي حمل على السماء؟ (أطت السماء وحق لها أن تئط) ما الذي حدث؟ ما الذي جرى؟ السماء العظيمة فيها حمل ثقيل، أتعرف ما الذي فيها؟ (ما من موضع شبرٍ إلا وفيه ملك ساجدٌ أو راكع) الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! (ما من موضع شبرٍ إلا وفيه ملك ساجد أو راكع).
هؤلاء الملائكة الذين {لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦] إذا بعثوا يوم القيامة تعرف ماذا يقولون؟
سبحانك ما عبدناك حق عبادتك! لا يعصون الله، حياتهم عبادة، وركوع وسجود وتنفيذ لأوامر الله، لا يعصون الله ما أمرهم، يسبحون الله ولا يفترون، ثم ما عبدناك حق عبادتك، تعرف لماذا؟ تعرف لِمَ؟
لأن تقديرهم لله أعظم من تقديرنا لله، بعضنا يَمنُّ على الله أنه صلى خمس صلوات في المسجد، ماذا تعني خمس صلوات؟! لا شيء، كانت خمسين فجعلها الله خمساً، وهي خمس في العمل خمسون في الميزان، ومع هذا يَمنُّ على الله أنه صلاها في اليوم والليلة، يَمنُّ على الله إذا حج بيت الله، يَمنُّ على الله إذا صام الإثنين والخميس: {بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الحجرات:١٧].
أرأيت أو أسمعت بوصف أفضل الملائكة جبريل؟ جبريل له ستمائة جناح؛ كل جناح يغطي الأفق كله، فتخيل، وتصور!
هذا جبريل صاح صيحة دمر قرية كاملة.
جبريل بطرف جناحه قلب قرية على رأسها.
جبريل هذا المخلوق العظيم رآه النبي صلى الله عليه وسلم في المعراج في السماء السابعة كالحلس البالي، كالثوب الخلق، تعرف لِمَ؟ لأن جبريل قد اقترب من الله فزاد خوفاً وهلعاً: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الزمر:٦٧].
أرأيت السماوات السبع العظيمة؟ يطويها الرب جل وعلا كطي السجل للكتب: {رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ} [غافر:١٥] الله، {ذُو الْعَرْشِ} [غافر:١٥] الله {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ} [غافر:١٥] يوم القيامة {يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ} [غافر:١٦] كل الناس حفاة عراة، ويقبض الرب عز وجل الأرض بيمينه والسماوات بيده الأخرى وكلتا يديه يمين، فيقول للخليقة كلها: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟ من يرد عليه، من يجرأ أن يرد على الله في ذلك اليوم؟
أين ملوك الأرض؟ أين السلاطين؟ أين المتجبرون على أمر الله؟ على شرع الله؟ على دين الله؟ أين المتكبرون عن السجود لله عز وجل؟
{يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} [غافر:١٦].