[موقف عائشة رضي الله عنها ممن كان السبب في قتل أخيها]
عائشة رضي الله عنها يأتيها رجل، فيسألها أسئلة، ثم قالت له (>من أين أنت؟ قال: من مصر، فقالت له رضي الله عنها: أما إنه لا يمنعني ما فعل صاحبكم بأخي محمد -أي: أميرهم وواليهم الذي كان السبب في قتل أخيها- قالت: لا يمنعني ما فعل في أخي محمد أن أقول ما سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في داري هذه: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به) تدعو له رضي الله عنها وأرضاها؛ لأنها سمعت أنه كان يرفق بجيشه، ويرفق بعبيده وبأصحابه.
عباد الله: هذه لمحات سريعة وصفحات قليلة من تاريخ سلفنا الصالح.
إن رأيتَهم في الليل فهم قُوّام الليل {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة:١٦] يبكون ويصلون ويركعون ويسجدون.
إن رأيتَهم في النهار فهم الدعاة إلى الله، المجاهدون في سبيل الله، المتصدقون، الآمرون بالمعروف، الناهون عن المنكر.
إن رأيتَهم مع بعضهم فهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
إن رأيتَهم في علم فهم طلبة العلم.
إن رأيتَهم في عبادة فهم السباقون.
إن رأيتَهم في النفقة فهم المتصدقون.
نعم والله؛ لأن الجنة جعل لها ثمانية أبواب.
عبد الله: إن فتح الله لك باب علم فلا تنقم على أهل الجهاد، وإن فتح الله لك باب جهاد فلا تنقم على أهل العلم، وإن فتح الله لك شيئاً من هذا وهذا فلا تنقم على أهل العبادة، وإن فتح الله لك باب عبادة فلا تنقم على أهل الصيام وأهل الصدقة وأهل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإن في الجنة ثمانية أبواب:
فمن كان من أهل الصلاة دخل من باب الصلاة.
ومن كان من أهل الجهاد دخل من باب الجهاد.
ومن كان من أهل الصيام دخل من باب الريان.
ومن كان من أهل الصدقة دخل من باب الصدقة.
عبد الله: لنكن كلنا كما كان السلف؛ دعوة، ودين شمولي، يشمل الجهاد والدعوة والعلم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والعبادة والصيام والصدقة نعم والله {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ} [آل عمران:١٩] دين الله يشمل الحياة كلها.
إن رأيتَهم في الخُلُق فهم أروع الناس خُلُقاً.
وإن رأيتَهم في العبادة فأكثر الناس عبادة، {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح:٢٩].
وإن رأيتهم في الجهاد فما من موضع في جسد أحدهم إلا وفيه ضربه بسيف، أو رمية بسهم، أو طعنة برمح.
عباد الله: هذه بعض النماذج من حياة سلفنا الصالح.
أسأل الله عز وجل أن يحشرني وإياكم معهم في مستقر رحمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول هذا القول، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.