[أبو الدرداء يشتكي من ذنوبه]
أبو الدرداء رضي الله عنه، تعرفون من هو أبو الدرداء.
يقول معاوية: [دخل عليه أصحابه في مرض الموت فقالوا له: مم تشتكِ رحمك الله؟ قال: أشتكي ذنوبي، فقالوا له: وماذا تشتهي؟ قال: أشتهي الجنة، قال: أفلا ندعو لك الطبيب؟ -هل تريد طبيباً؟ - قال: الطبيب هو الذي أضجعني] {وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ} [المعارج:٢٧ - ٢٨].
قبل سنوات في الحج الناس قبل غروب الشمس في يوم عرفة، أعظم يوم، يغفر الله لكل أهل عرفة، يقول لملائكته: (أشهدكم أني قد غفرت لهم) بل لو أن الإنسان ذنوبه مثل عدد حبات الرمل، أو مطر السماء، أو أيام الدنيا ليُغَسِّلها الله في ذلك اليوم، يكفر كل الذنوب.
في ذلك اليوم قبل سنوات والناس في سياراتهم ينتظرون موعد النفير، غروب الشمس في اللحظات الأخيرة، والرحمات تتنزل، إذا بإحدى الباصات يخرج منها التكبير: الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر! تجمَّع الناس؛ ما الخبر؟ قبض الله روحه في تلك اللحظات.
يُبعث عند الله وهو يقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك.
الناس في المحشر ينظرون، مَن هذا؟ ماذا صنع؟ ماذا فعل؟ حَجَّ واعْتَمَرَ ومات وهو في هذه الحال.
يقول في المحشر والناس يسمعون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد، والنعمة لك والملك، لا شريك لك.
وربما بجنبه رجل بُعث عند الله يغني!
بُعث عند الله يشرب الخمر!
بُعث عند الله يزني!
بُعث عند الله على التلفاز، أو أمام الإنترنت!
بُعث عند الله نائماً عن الصلاة متعمداً، وضع ساعته بعد طلوع الشمس متعمداً ألا يصلي الفجر!
بُعث عند الله يدخن!
بُعث عند الله عز وجل يسكر!
ومنهم من يُبعث عند الله وجرحه ينزف والناس ينظرون ما باله يضحك ويبتسم وهو ينزف الدم! اللون لون دم، والريح ريح مسك أتعرف من؟ إنه الشهيد: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد:١٩] أي ميتة هذه! الله أكبر!
أرأيت! تسحقهم الدبابات، نزلت عليهم الصواريخ، تفجرت فيهم الألغام، تبحث عن جثته، لا تجدها، احترق، تقطع إرْباً إرباً، مزق جسمه حتى لا تكاد تجد له أثراً، هل أحس بالألم؟ كلا والذي خلق السماء لا يجد ألماً إلا كما يجد أحدنا ألم القرصة قرصة النملة أسمعت بهذا؟ إلا كقرصة النملة، ثم إن خرج الدم أول قطرة يَغْفِرُ الله ذنبه كله، يرى مقعده من الجنة قبل أن يموت، يؤمَّن فتنة القبر، إنها الميتة.