إني سائلك أن تفكر في هذه الكلمات، وأن تكثر التفكير فيها لا تنَمْ هذه الليلة إلا وأنت تفكر في كل كلمة قلتُها، إن الإدمان نهايته عذاب في الدنيا وخاتمة سوء، ثم عذاب في القبر، ثم وقوف بين يدي الجبار، ثم الزقوم والحميم.
وتذكر أنك إذا تبت إلى الله جل وعلا فسعادة في الدنيا، ثم قصور في الجنة، نهر من لبن، نهر من عسل، نهر من خمر، تقول لي: لا أتحمل، أقول لك: اصبر لله جل وعلا حتى تسمع تلك الكلمات عند أبواب الجنان، تقول لك الملائكة:{سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرعد:٢٤] الصبر، الصبر يا أخي الكريم، فارق تلك الصحبة، أقبل على الله جل وعلا، اشغل فراغك بقراءة القرآن، بالدعوة إلى الله، بالعلم النافع، بصلة الأرحام، ببر الوالدين، اشغل وقتك بما ينفعك عند الله جل وعلا، واعلم أنك إذا تبت فإن النهاية:{وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً}[الإنسان:١٢] * {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً}[الإنسان:١٣].
وقبل أن أختم حديثي لي وإياك لقاء ليس على هذه الأرض، قد تكون على هذه الأرض؛ ولكن أنا على يقين بأننا سوف نلتقي يوم القيامة، إما أن نتخاصم عند الله جل وعلا، وإما أن نكون تحت ظل عرش الرحمن تبارك وتعالى، فاختر لنفسك أي الطريقين:{إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً}[الإنسان:٣] سوف نلتقي يوم القيامة، فإن تخاصمنا فلعلك تقول: يا رب ما جاءني من نذير، فأقبل على الله جل وعلا، فأقول: بلى يا رب سمع حديثي من ذلك الجهاز وبهذا الشريط، سمع كلامي وتلوتُ عليه آياتك وأحاديث رسولك، وحذرته من ذلك المصير لكنه أبى، أو تأتيني يوم القيامة تحت ظل عرش الرحمن فتقول لي: يا شيخ أتذكر تلك المحاضرة فأقول لك: وأي محاضرة؟ تقول لي: يا شيخ أتذكر محاضرة (رسالة إلى مدمن) أقول لك: لعلي أذكرها، تقول لي: يا شيخ والله ما إن سمعتها إلا وبدأت صفحة جديدة مع الله، كانت البداية صعبة لكن الله عز وجل أعانني:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:٦٩] يا شيخ! أقبلت على الله فإذا بالرب جل وعلا يُقبِل علي، أصبحت أقرأ القرآن، وحفظته في عدة شهور، صرت داعياً إلى الله تبارك وتعالى، تعرفت على الصالحين، غيرت هذه الحياة كلها، شعرت بالسعادة التي كنت أبحث عنها، ثم ختم الله لي خاتمة حسنة، وهاأنذا اليوم يغفر الله لي ما مضى.
لعلنا نتعانق تحت ظل عرشه جل وعلا.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يجمعني وإياك تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.