إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أيها الإخوة المسلمون: إن مما ابتلى الله عز وجل به هذه الأمة: أن جعل بين صفوفها صنفاً من الناس لا تعرفهم، يتكلمون بألسنتنا ويدَّعون ويظهرون الإسلام والإيمان، ولكنهم في حقيقتهم كفار، يبطنون الكفر ويظهرون الإيمان، يصلون مع المؤمنين، ويصومون معهم، ويحجون معهم، ويجاهدون معهم، لكنهم كفروا بالله العظيم.
إنها فتنة عظيمة في هذه الأمة، وبلاء عريض قد انتشر فيها، وهذه من حكمة الله جلَّ وعلا، أن يبتلي المؤمن فيراه يصبر أو لا يصبر، ويراه ينخدع بهم أو لا ينخدع بهم، ولم يترك الله عز وجل هذه الأمة إلا وقد بين لهم صفات هؤلاء المنافقين:{وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ}[محمد:٣٠].
وقد ذكر الله عز وجل كثيراً من صفاتهم؛ بل جعل لهم سورة كاملة سماها باسمهم، وجعل أغلب سورة براءة وسورة التوبة في التحذير منهم وفي بيان صفاتهم، فاسمع رعاك الله إلى بعض أوصاف هؤلاء المنافقين، ولا تعجب إن رأيت بعضهم يصلي، وإن سمعت بعضهم ينطق الشهادتين، وإن علمت أن بعضهم يحج إلى بيت الله الحرام، فهو وإن كان هذا ظاهره؛ فباطنه الكفر بالله العظيم.