للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ما يرى في النار من أهوال]

اسمع النتيجة النهائية، التي ليست بعدها نتيجة {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ} [الحاقة:٣٠] تأتي الملائكة وتربطه بسلسلة، كل حلقة مثل حديد الدنيا كلها، حجم هذه السلسلة سبعون ذراعاً من أذرعة الملائكة، تدخل في منخره، فتخرج من دبره ويربط بها، ثم يجر على وجهه إلى النار، فتستقبله الملائكة عند النار، والنار يتطاير منها الشرر، والشرارة الواحدة بحجم القصر تستقبله الملائكة {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} [الملك:٨] هل جاءكم فلان ونصحكم؟ هل استمعت إلى شريط يذكرك؟ {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ * قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} [الملك:٨ - ٩] ثم يدخلون إلى جهنم يدفعون فيها دفعاً.

ينظرون فيها، وأول ما يدخل يرى النار سوداء مظلمة، حرارتها أشد من سبعين ضعفاً من حرارة نار الدنيا، وأول ما يدخل يرى أصحابه الذين كانوا في الدنيا قد سبقوه إليها من أنتم؟ أنت فلان؟ نعم، لا مرحباً بك، فيرد عليه فيقول: وأنت لا مرحباً بك أتعرف من هم؟ الصاحبان في الدنيا، اللذان كانا يسافران إلى دول الزنا والخنا اللذان كانا يكلمان تلك الفتاة، ويلعبان الكرة وقت الأذان والصلاة.

يقول: يا رب! هذا الذي قدم لي هذا يا رب! هذا الذي أضلني ودعاني إلى هذه النار، قال الله عز وجل عنهم: {حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعاً} [الأعراف:٣٨] الأصحاب والأخلاء والزملاء في الدنيا اجتمعوا في النار {قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا} [الأعراف:٣٨] يا رب! هذا الذي ضحك علي يا رب! كنت أريد أن أهتدي وأكون مع الصالحين مع الملتزمين، وكان يقول لي: لا يا فلان! تعال نلعب، ضحكوا عليك؟ خدعوك؟ غشوك؟ تعال نلعب الكرة، تعال نتمتع، الحمد لله أنت مسلم، تعال يا فلان تمتع قليلاً ثم تب إلى الله، يا فلان! عندنا سهرة، وعندنا اللعب والأغاني والطرب، يا فلان! لا يضحكون عليك: {رَبَّنَا هَؤُلاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ} [الأعراف:٣٨] يرد الله عليهم: {قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:٣٨].

لن أسرف في ذكر صفات النار، لكن يكفيك -أيها الأخ- ما تسمع من تلك الكلمات.

أتعرف على ماذا ينامون في النار؟ على النار.

أتعرف بم يلتحفون؟ بلحاف من نار.

أتعرف ماذا يأكلون؟ طعاماً من نار.

أتعرف بم يستظلون؟ بظلل من نار.

عبد الله: يجوع أهل النار فيأكلون طعاماً ذا غصة -طعاماً شوك من شدة الجوع- فإذا أكلوه غص في الحلوق، لا يستطيع أن يخرجه ولا يبتلعه، فيستغيث بالماء يا رب! ماء ماء ماء، فيعطون ماء؛ لكنه {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ} [الكهف:٢٩] يقترب من الماء ليشرب من شدة العطش والجوع، فعندما يقترب من الماء تسقط فروة رأسه ويحترق وجهه، قبل أن يشرب {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً} [الكهف:٢٩].

عبد الله! وهو يشرب الماء، هل نفعته تلك المرأة؟ أم شريط الأغاني؟ أم المطرب الذي كان قدوته؟ أم الفيلم والمسلسل الذي كان يراه كل ليلة؟ هل نفعه الآن؟! أم نفعه فلان الذي كان يلعب معه الكرة، وكان يضحك عليه في الدنيا هل نفعه فلان؟! لا والله.

عبد الله! إن النار تحرق جلودهم حتى تُصلي الأفئدة {كَلَّا إِنَّهَا لَظَى} [المعارج:١٥] * {نَزَّاعَةً لِلشَّوَى} [المعارج:١٦] أي: تنفصل الجلود عن اللحم عن العظم، فيخرج منها الصديد والقيح.

أتعرف حين يرى أهل النار القيح ماذا يفعلون؟

يركضون إلى ذلك القيح يجمعونه فيأكلونه {يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم:١٧] هل تتحمل عبد الله؟ هل ينفع فلاناً سبعين أو ثمانين سنة من اللعب واللهو والطرب؟