[الشهوات عقبة أمام الشباب]
تحديات العصر أكبر وأكبر من هذه الشبهات فقط، تحديات العصر في الشهوات:
الشهوات التي دخلت في كل بيت، النساء، الأغاني، الطرب، الحفلات، الفضائيات وصلت إلى بيوتنا، بالله عليكم هل خلا بيت منها؟ هل خلا بيت من هذه الشهوات، وهذه الملهيات؟ هل خلا شاب من التعرض لها؟
اسمع أيها الأخ الكريم إلى الرب جل في علاه كيف يربينا ويوجهنا! يقول الله جل وعلا: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور:٣٠] في البيت لوحدك لا يوجد أحد وعندك الجهاز، إنترنت يفتح لك العالم كله، صفحة واحدة بين يديك تتجول على العالم كله في بضع ثوانٍ، ثم بعد هذا ما الذي يمنعك أن تضع تلك الكلمة فتدخل على هذا الباب؟
إنه الخوف من الله، إنها مراقبة الله لا غير، مهما منعت، مهما روقبت، فإنه ليس أعظم من مراقبتك لله جل وعلا، ما الفاصل الذي يجعلك تدخل على برامج القرآن والإسلام، والمقالات الإسلامية وأخبار الإسلام، والأخبار المفيدة والمعلومات النافعة، وبين أن تدخل على الجانب الآخر، ما الذي يمنعك؟ إن لم يكن الخوف من الله جل وعلا.
يقول الله جل وعلا عن يوم القيامة: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ} [الكهف:٤٩] يوم القيامة تتطاير الصحف، ووقت تتطاير الصحف تسود وجوه وتبيض وجوه، تخيل الصحيفة تأتيك فيُسهل الله لك مسك الصحيفة باليمين، ومن الناس من يريد أن يأخذها باليمين فتلتف يده وراء ظهره، فإذا التفت وراء ظهره قبض صحيفته بشماله، لا إله إلا الله، يسود الوجه بعد هذا، ويبدأ بالصياح فيفتح صحيفته: {اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً} [الإسراء:١٤] ترى ذاك اليوم لا يوجد أحد، فتح ذلك الإنترنت ودخل على كل حرام وكل صورة خليعة، مسكين، قال تعالى: {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:١٤] لا يدري أن الله يراه، يفتح صحيفته يوم القيامة: {فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً} [الكهف:٤٩] كل نظرة، وكل كلمة، وكل لحظة مكتوبة: {لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً} [الكهف:٤٩].
شباب المسلمين الآن مستهدفين بهذه الأجهزة وتلك الفضائيات، ولا يدرون أن الله مطلع عليهم، يفتح قنوات فضائية على صور خليعة، أفلام ماجنة، رقص، طرب، وإذا قلَّب القناة وجد إذاعة قرآن، أو درس ديني، أو برنامج مفيد، تركه ولم يأبه به، سبحان الله! {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} [العلق:١٤].
بل أكثر من هذا، الآن المسلمون مستقصدون حتى بالمخدرات، انظر إلى مناطقنا التي بفضل الله تتمسك لا زالت بالدين وبالعادات الحسنة، تغرق الآن بالمخدرات، ترسل إليها المخدرات من جميع الدنيا، حتى صار بعض شباب المسلمين أسارى وأي أسارى لتلك الحبوب وهذه الإبر، كم واحد منهم يموت بسوء الخاتمة؟ سلوا المسئولين، سلوا المتخصصين، هل حقاً هناك من يموت بالمخدرات؟ إحصائيات عجيبة في بلاد المسلمين.
رأيت بعيني صوراً لشباب ماتوا بالمخدرات وقد تجمع النمل على أجسادهم؛ وتخيل منظره، وسوء الخاتمة.
بل رأيت أخطر وأكبر من هذا، شاب عندما مات في المخدرات على هيئة سجود، لا ندري سجد لمن؟ الله المستعان، لا ندري هل سجد لشيطانه؟ أو لشهوته أو لغير هذا؟
ثلاثة شباب يسافرون إلى بلاد الكفر، يذهبون إلى المراقص، يشربون الخمر، يعاشرون النساء، لحظة من اللحظات وهم في مرقصهم في لهوهم في الثلث الأخير من الليل سقط أحد الثلاثة على الأرض وهو سكران، جاءه أصحابه يهزونه فإذا هو يحتضر، يا فلان ما الذي يحدث؟ وأحدهم كان في وعيه، قال له: قل لا إله إلا الله، قل لا إله إلا الله، قال: زدني كأس الخمرة، زدني كأس الخمرة، يا فلان يا فلان، ثم مات، رجع اثنان إلى بلدهم ومعهم الثالث في تابوت، إنا لله وإنا إليه راجعون، شهوات يغرق بها المسلمون.
أما تخاف يا أخي الكريم، أما تخاف أن تقول في اللحظة الأخيرة، مرة أفعلها وأتوب إلى الله، ما يدريك لعل خاتمتك تكون في هذه اللحظة.
الله جل وعلا يأتي بالناس في يوم القيامة فيأتي بالعبد فيقول له: عبدي ماذا فعلت؟ يقول: يا رب لم أفعل شيئاً في الدنيا؛ أصلي وأصوم وأذكرك، ولا يذكر السيئات ويذكر الحسنات، فتأتي الملائكة تشهد عليه؛ لأن معك ملائكة لا يفارقونك، تأتي الملائكة تشهد، ويأتي الصالحون يشهدون: يا رب نصحناه لكنه لم ينصح، يا رب علمناه فلم يتعلم.
فيقول بعد هذا: ربي لا أقبل شاهداً إلا من نفسي، فيقول الرب جل وعلا: لك ذاك، فيختم الله على فمه ويبدأ الجلد فيتكلم، واليدان فيتكلمان والرجلان يتكلمان: {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [يس:٦٥].
في أمريكا طائفة يسمونها المورمن يخبرني أحد الدكاترة، يقول: إن هذه الطائفة إذا بلغ الشاب سن الرشد، لزم إلزاماً دينياً أن يؤخذ من أهله سنتين، يذهب فيها إلى معسكرات للتربية، يربونه، يترك كل شهوات الدنيا وملذات الدنيا، سنتين كاملتين، لا يحق له أن يتصل بأهله إلا في كل بضعة أيام مرة وزمن محدد، لا وأكبر من هذا أن هذين السنتين كلها على حساب أهله، سفر، وإقامة، وأكل وشرب كله على حساب الأهل، هذا واجب ديني عندهم، سنتين لأجل دينهم فأين شباب المسلمين؟ أين رجال المسلمين؟ الواحد بعض المرات ولده يقول: أريد أن أذهب إلى العمرة؟
أما الفضائيات وما أدراك ما الذي تحدثه في هذا الزمن؟ إنها تنخر الدين نخراً، حتى يصبح الرجل ليس له من الدين إلا الظاهر، بل أعلم عن أناس بسببها انتكسوا وتركوا حتى الصلاة، الفضائيات فيها خير وشر كثير، ولكن من الذي ينتقي الخير ويترك الشر؟! كن صادقاً مع نفسك، وكن مراقباً لله جل وعلا.