[ضعف العلم الشرعي]
الثغرة الثانية: ضعف التعليم الشرعي في البيوت.
انظر إلى بيتك، أهلك، أمك وأبيك، هل حقاً يتعلمون العلم الشرعي؟
بعض الصالحين يهتم بالجيران، ويهتم بأهل المسجد، ويهتم بالناس، ولا يهتم بأمه ولا أبيه.
يروى أن أحد الصالحين جاء إلى أمه وقد كبرت في السن، قال: يا أماه! اقرئي عليَّ القرآن، قالت: يا ولدي لا أعرف إلا سورة واحدة أقرأ بها في جميع صلاتي، ظن أنها الفاتحة، قال: يا أماه! اقرئي عليَّ تلك السورة، فاستعاذت وسمت، ثم قالت:
إن لله عباداً فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
قال: يا أماه! القرآن، قالت: هذا أقرأ به في جميع صلاتي، قال: يا أماه! والفاتحة؟ قالت: والله لا أحسن غيرها.
من المسئول؟
يقول عليه الصلاة والسلام والحديث في البخاري: (ثلاثة لهم أجران) ليس أجراً واحداً بل أجران يا من فرط بالأجور! يا من يبحث عن البعيد وأقرب الناس إليه قد فرط فيه! قال: (من الثلاثة: ورجلٌ كانت عنده أمة) ليست زوجته ولا أمه ولا أبناؤه، بل أمة، فكيف بالزوجة والأم، قال: (فأدبها فأحسن تأديبها، وعلمها فأحسن تعليمها، ثم أعتقها فتزوجها فله أجران).
تأتي امرأةٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول: (يا رسول الله! غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوماً -أي: تعلمنا وتحدثنا وتفقهنا في أمور ديننا- قال: موعدكن بيت فلانة، فكنَّ يجتمعن، ويأتي عليه الصلاة والسلام ويدرسهن).
عبد الله! هلا جعلت في بيتك يوماً في الأسبوع تدرس فيه الأهل، تقرأ عليهم من رياض الصالحين، أو تفسير السعدي، أو بعض القرآن، أو تقرأ عليهم بعض القصص، أو تعلمهم بعض أمور الدين.
عبد الله! هلا جعلت في بيتك مكتبة سمعية وأخرى مرئية، هلا جعلت في بيتك مكتبة فيها بعض الكتيبات، وبعض القصص، وبعض المجلات، وبعض الأوراق والنشرات، لعلك -يا عبد الله- قد غفلت عن هذا.
عبد الله: إن من أهم الأمور أن تجعل في بيتك مجلساً تدرس فيه الأولاد، والزوجة، والأم، ما يحتاجونه من أمورهم، ولنضرب على ذلك أمثلة:
تجلس معهم جلسة في الأسبوع تقرأ عليهم بعض القصص، وبعض الأحكام التي يحتاجون إليها؛ في الطهارة، والصلاة، والتفسير، تفسر لهم الفاتحة، وبعض السور القصيرة، وتعلمهم بعض أحكام البيوت، وأحكام الطعام والشراب، وأحكام اللباس، وأحكام المجلس، وأحكام النوم، وآداب الاستئذان، وآداب المزاح.
يقول أبو قتادة: وكان يريد أن يتوضأ فقربوا إليه إناءً فيه ماء، فلما أراد أن يتوضأ جاءت هرة فشربت وولغت فيه ثم ذهبت، فتوضأ فقالت له زوجته: (تتوضأ وقد ولغت فيه الهرة! فقال لها يعلمها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيها: إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات) تنظر إلى أخيك الصغير يشرب وهو قائم فتعلمه، تقول له: اجلس (نهى رسول الله أن يشرب الرجل قائماً) وتنظر إليهم وقد فعلوا بعض المنكرات -وسوف نأتي إلى بعضها- فتخبرهم بأن هذا الأمر حرام.
واطلب العلم قبل أن تعلم غيرك، واجعل لهم مسابقات في البيت في حفظ القرآن، وفي حفظ الأحاديث، وفي حل بعض الأسئلة، وفي قراءة كتاب، واجعل لهم جوائز مادية، وجوائز معنوية، كأن تذهب بهم رحلات إن أجابوا على هذه الأسئلة، وإن حفظوا تلك الأجزاء أو السور، يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم:٦].
ومن الوسائل: أن تدعو في بيتك بعض الصالحين، قال نوحٌ عليه السلام {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً} [نوح:٢٨] فادع بعض الصالحين إلى بيتك، واجعل لأهلك يوماً تدعو فيه أحد الصالحين وتجعل لهم مجلساً يذكرهم وينصحهم ويعظهم كما كان يفعل رسول الله عليه الصلاة والسلام.